ذكاء القيادة وبُعد النظر.. كيف أدار الرئيس السيسي حواره مع رئيس فرنسا؟

د/ حمدان محمد
في زمن تتصارع فيه المصالح وتتداخل فيه الملفات الدولية، يبقى للقادة أصحاب الحكمة والرؤية الثاقبة اليد العليا في توجيه دفة الأحداث وتحقيق مكاسب استراتيجية دون ضجيج ومثال ذلك ما شهدناه في لقاءات الرئيس عبد الفتاح السيسي مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون حيث برزت ملامح الذكاء السياسي والحنكة الدبلوماسية للرئيس المصري في أكثر من مناسبة فقد شهدت السنوات الماضية عدة لقاءات جمعت بين الرئيس السيسي والرئيس ماكرون
أبرزها في ديسمبر 2020 خلال زيارة الرئيس السيسي إلى باريس وفيها تم توقيع عدد من الاتفاقيات الثنائية في مجالات النقل والطاقة والتعليم وكذلك التعاون العسكري كما تكررت اللقاءات في مناسبات دولية مثل قمة المناخ وقمم الشراكة بين إفريقيا وأوروبا.
والرئيس السيسي يضع النقاط على الحروف
في المؤتمر الصحفي الشهير الذي جمع الرئيسين في قصر الإليزيه فقد واجه الرئيس السيسي أسئلة الصحفيين الفرنسيين حول أوضاع حقوق الإنسان في مصر وهنا ظهر ذكاء السيسي في الرد الواضح والحاسم، حين قال:
“أنتم لا تقدمون صورة كاملة عن الواقع في مصر… لن أسمح لكم بطرح قضايا إنسانية بمعايير مزدوجة. نحن دولة تواجه الإرهاب ونسعى لحماية 100 مليون مواطن.”
فهذا الرد لم يكن مجرد دفاع، بل كشف عن قائد يدرك أهمية السيادة الوطنية، ويعرف كيف يدير الحوار دون صدام، ودون أن يتنازل عن كرامة بلده وأن الرئيس السيسي نجح في الحفاظ على علاقة استراتيجية مع فرنسا وحليف مهم لمصر في ملفات ليبيا في مواجهه مكافحة الإرهاب وصفقات التسليح دون أن يخضع لأي ضغوط تمس الثوابت الوطنية وقد ظهر ذلك جليًا حين قال الرئيس ماكرون في المؤتمر ذاته:
“لن نجعل الخلافات بشأن حقوق الإنسان عائقًا أمام التعاون بين بلدينا.”
وإليكم بعض النتائج الملموسة للتعاون.
1/توقيع عقود تسليح متقدمة من فرنسا إلى مصر، منها صفقة طائرات “رافال”.
2/تعزيز التعاون في مشروعات النقل، منها مترو الأنفاق والقطارات السريعة.
3/دعم فرنسي لمصر في ملفات إقليمية مثل غزة وليبيا.
4/دعم فرنسا لمصر في مجلس الأمن بملف سد النهضة
فإن ما فعله الرئيس عبد الفتاح السيسي في تعامله مع الرئيس الفرنسي ماكرون لم يكن مجرد دبلوماسية بل كان درسًا في الذكاء القيادي فهو قائد يعرف متى يتكلم وكيف يرد ومتى يفتح أبواب التعاون دون أن يسمح لأي جهة بتجاوز حدود الدولة المصرية أو فرض أجندات لا تتفق مع طبيعة المجتمع المصري.