الإدمان

خديجة ربيع * أسيرة القلم*
الإدمان هو مرض الاعتمادية على المواد المخدرة التي تغير من الحالة المزاجية سواء كانت عاطفية أو جسدية أو نفسية وما هي إلا مواد تُغيب العقل وتخدره وتُفقد الإنسان قدرته على التحكم والاتزان وهي بذرة المرض النفسي وضعف الشخصية فريسة سهلة في يد المستغلين والخنوع للمخدرات
الإدمان له ثلاث مراحل رئيسية
١ مرحلة التجربة أو ما يُسمى بين المراهقين بالحفلة الإيجابية للتعاطي
في هذه المرحلة يشعر المراهق بأنه أصبح أفضل نفسيًا وعاطفيًا وجسديًا ويعتقد أن المخدرات تملأ الفراغ الداخلي وتداوي شعوره بالنقص وعدم الكفاءة وتُشعره بالأمان الاجتماعي وتكسر الخجل ويستطيع تكوين علاقات اجتماعية بسهولة ويظن أن المخدر يمنحه الحرية والثقة والطلاقة دون ضغوط لكن هذا الإحساس زائف ويخدع به نفسه وأهله لا يدركون خطورة تلك التجربة الأولى
٢ مرحلة فقدان السيطرة الداخلية
هنا يبدأ المدمن في طلب المخدر عند مواجهة المشكلات ويصبح معتمدًا عليه بشكل أساسي وكلما قلت تأثيرات المادة المخدرة ظهرت عليه أعراض الانسحاب فيشتاق للمخدر ويدخل في صراع نفسي بين ماضيه الأخلاقي وواقعه المظلم ويبدأ بالكذب وأخذ المال دون علم الأهل ويبدو متماسكًا خارجيًا لكن بداخله تنهار قيمه ويبحث باستمرار عن الجرعة التالية
٣ مرحلة فقدان السيطرة الخارجية أو ما يُعرف بالإنكار
في هذه المرحلة ينكر المدمن حالته ويدفن مشاعر الخزي ويهرب منها ويغرق في الإدمان ويكتم ضميره ويعيش بدون صراع نفسي فتتدهور حالته ويعزل نفسه عن أسرته وينحرف أخلاقيًا وقد يسرق ويكذب ويقع في مشاكل قانونية ويزيد من الجرعات وينشغل فقط بالحصول على المخدر ويسيطر عليه ليلًا ونهارًا ويبدأ الأهل في اكتشاف الكارثة وعند مواجهته ينفعل ويدعي أنه ضحية الظروف
لكن لماذا يتعاطى الشخص من الأساس
لأنه ببساطة يؤدي أدوارًا لا تناسبه ولا يستطيع الاعتراض ولا يملك أدوات الدفاع عن نفسه وتربيته غير السوية خلقت شخصية لا تتحمل المسؤولية وتفتقد الصبر والمرونة فيقع ضحية للخيال ورفض الواقع ويعيش في عالم سري خاص به وقد يبدأ التعاطي بدافع الفضول أو للهروب من ضغوط الحياة ثم يتحول الأمر إلى كارثة
أحيانًا يكون المدمن في البيت أمام أعيننا دون أن ندرك ذلك مثل من يستخدم الترامادول لتسكين الألم بجرعات عالية فيفقد الإحساس بالألم ويسيطر المخدر على أعصابه ويدعي القدرة على التبطيل ويبدل المخدر بأضعف منه لكنه لا يستطيع التوقف سوى لأيام قليلة ويقع في فخ الإنخداع العقلي فكل المواد المخدرة تؤدي إلى نفس النتيجة من النشوة وتغيير كيمياء الدماغ
سمات الشخصية الإدمانية
يعيش المدمن أنانيًا يلهث وراء رغباته ويظن أنه قادر على السيطرة لكنه في الحقيقة مندفع وعدواني ولا يتحكم في انفعالاته ويعتمد على شيء خارجي ليشعر بالتوازن ويستغل الآخرين رغم علمه بضرر ذلك وعلاقاته مؤذية ويفتقد الشجاعة لإنهائها ويرفض السلطة ويعاند وقد يكون لديه استعداد وراثي للإدمان يظهر في مرحلة المراهقة
كيفية التعامل مع الشخصية الإدمانية
أول خطوة هي فهم مشكلاته النفسية واحتوائه والإنصات إليه دون نفور ثم مساعدته على الاعتراف بالخطأ وتشجيعه على العلاج بأسلوب هادئ لأن الجميع يخطئ ولا أحد معصوم من الزلل ويجب اللجوء لطبيب نفسي يعيد تشكيل أفكاره ويُفهمه أن القوة الحقيقية في احترام الآخرين وليس في كسر القواعد
يجب إشباعه نفسيًا وتعليمه الاكتفاء وعدم اللهث وراء الاحتياج وتعزيز الجانب الروحي فيه واللجوء إلى الله لحمايته من المتاهات النفسية وتقوية جسده وروحه وأخيرًا تأتي مرحلة التأهيل النفسي والاعتماد على إرادته في العلاج كما أعطى المخدرات فرصة يجب أن يعطي لنفسه فرصة جديدة للحياة