قصة للأطفال: حلم البذرة الصغيرة جدا

تأليف دكتور / حسين السيد عطيه – جريدة حديث وطن
نادت الشجرة الكبيرة التي نمت على ضفة النهر الصغير في إحدى الغابات على (بناتها ) وهي البذور الصغيرة جدا فوق أغصانها وقالت لهن يا بذراتي الحبيبات الصغيرات انتبهن لي
واسمعوني جيدا اعلم أن كل واحدة منكن تحلم أن تكون شجرة كبيرة مثلي لذلك سأحكي لكم قصتي …
ذات يوم من سنين طويلة مضت كنت بذرة صغيرة جدا ناتجة من زهرة صغيرة بجانب أخواتها البذرات الصغيرات جدا مثلها في حضن ورقة صغيرة فوق غصن صغير وسط مئات الأغصان الصغيرة التي تتفرع من الشجرة الأم الكبيرة جدا جدا، وبعد أن تم نضجي كبذرة انفصلت عن غصني من الشجرة الأم وتلاعب بي الهواء وأنا سعيدة كثيرا بالطيران لأول مرة في حياتي بواسطة الريح التي رفعتني عاليا أكثر فأكثر حتى رأيت الشجرة الأم الضخمة التي كانت تحملني صغيرة جدا ! وكلما ارتفعت أكثر أصبحت أرى مساحة أكبر من الأرض حتى رأيت مساحة كبيرة جدا من أرض الغابة، ثم هدأت الريح وهبطت علي كومة مرتفعة من أرض الغابة … وتمنيت أن أكون شجرة ضحمة مثل أمي الشجرة الكبيرة التي كنت أتعجب عندما كانت تقول لنا أنها نمت من بذرة صغيرة جدا مثلنا …فكنت أشك احيانا في ذلك وأتعجب كثيرا !! كيف يمكن أن بذرة صغيرة لا تزن حتى عشر جرام أن تصير شجرة عملاقة تزن عدة آلاف من الكيلوجرامات وتزهر وتثمر وتتكون مظلة كبيرة جدا وتأوي إليها مخلوقات كثيرة جدا!!
ثم بدأت العمل بسرعة انغرست في التربة ببقعة من أرض الغابة وأمطرت السماء على فنبتت بفضل الله وأصبحت بادرة صغيرة ثم مددت جذوري بعيدا في عمق الأرض لأثبت نفسي بقوة فيها وتمدني جذوري بالغذاء اللازم لنمو أغصاني وأصبحت شجرة صغيرة ثم كبرت وكبرت وكبرت بفضل الله سبحانه وتعالى حتى أصبحت بحجم الشجرة الأم التي تركتها بفعل الرياح بل أصبحت أكبر منها جدا…
ثم أتت إلى الطيور وقامت ببناء أعشاشها فوق أغصاني وسكنتها وباضت في هذه الأعشاش وخرج من بيضها فراخا صغيرة جميلة ولها صوت عذب، وسكنت حيوانات أخرى مثل السناجب في فجوة داخل جذعي
وعندما اشتداد حرارة الجو تأتي حيوانات كالغزلان وغيرها وحتى البشر يجلسون تحت اغصاني ويحتمون من حرارة الشمس بظلي الرطب ويتمتعون بالهواء العليل المنعش الغني بالاوكسجين الذي تنتجه أوراقي ويأكلون من ثماري اللذيذة ويحمدون الله على نعمه الكثيرة…احكي لكم حكايتي يابذراتي الصغيرات حتى تعرف كل واحدة منك ان بداخل قوة وطاقة كبيرة جدا أعطاها الله لها وتتوكل علي الله وتقوم بواجبها ورسالتها علي أتم وجه ولا تهتم بصغر حجمها، و حتى تعرف كل واحدة منكم قيمتها وأهميتها في هذا العالم وهدفها في هذه الحياة فنحن عالم النباتات والأشجار بدوننا لا يمكن أن تستمر الحياة فوق هذا الكوكب فنحن بفضل الله نوفر الغذاء والدواء بل والكساء والمأوى أيضا لعدد كبير من خلق الله بين أغصاننا ومن أخشابنا يصنع الإنسان أيضا أدواته وأثاث بيته الذي يرتاح عليه اعلم ان كل واحدة منكن تحلم وتتمني بأن تصير مثلي بل وأكبر وأفضل مني واطلب منكن أن تتمسك كل واحدة منكن بحلمها بقوة وعزيمة ولا تستسلم أبدا مهما واجهت من صعوبات، وتفعل كل ما بوسعها لتحقيق حلمها وتسعي جاهدة في تأدية رسالتها التي خلقنا الله سبحانه وتعالى من أجلها في هذه الحياة.