خيانة لا تُغتفرالجاسوس العاق

بقلم /حموده امين حسين
في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، سُجلت العديد من البطولات كما سُجلت الخيانات، وبين سطور هذا التاريخ يقف اسم أكرم نظمي كواحد من أشهر الجواسيس الذين خانوا أوطانهم، وارتضوا أن يبيعوا ضمائرهم مقابل المال والمصالح الشخصية. إن قصة هذا الرجل تُمثل نموذجًا واضحًا للخيانة الوطنية، والعواقب التي تلحق بمن اختاروا طريق الخيانة على حساب الشرف.
ولد أكرم نظمي في مصر، وعاش حياة عادية في ظاهرها، لكنه كان شخصًا طموحًا إلى حد الجشع، يسعى لتحقيق مكاسب بأي ثمن. لم يكن من ذوي الانتماء الوطني العميق، ما جعله فريسة سهلة لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية التي كانت تبحث دومًا عن ثغرات داخل المجتمع المصري لتجنيد عملاء يخدمون أهدافها.
اقترب منه عملاء الموساد بهدوء، وقدموا له الإغراءات المادية، مستخدمين نقاط ضعفه بدقة. قبل نظمي العرض، وبدأ يمد إسرائيل بمعلومات عن الداخل المصري، مستغلًا موقعه ووصوله إلى بعض البيانات الهامة. لم يكن يعرف أن خطواته الأولى في هذا الطريق المظلم ستكون نهايته.
خلال سنوات عمله مع الموساد، نقل أكرم نظمي معلومات عن تحركات الجيش المصري، وبعض الشخصيات السياسية والاقتصادية. كانت تقاريره تصل إلى تل أبيب وتُستخدم في رسم خريطة تحركات الخصم. كان يتقاضى مبالغ مالية ضخمة، ويعيش حياة مزدوجة: ظاهرها طبيعي، وباطنها خيانة مستمرة.
لكن كما هي نهاية كل خائن، لم تدم خيانته طويلًا. رصدت أجهزة المخابرات المصرية تحركاته واتصالاته، وبعد جمع الأدلة الكافية، تم إلقاء القبض عليه في عملية سرية دقيقة. خضع للتحقيق، وانهار سريعًا، معترفًا بكل تفاصيل تعاونه مع العدو.
تم تقديمه للمحاكمة بتهم الخيانة العظمى والتجسس لصالح دولة معادية، وصدر بحقه حكم بالإعدام شنقًا، نُفذ بعد فترة وجيزة، ليكون عبرة لكل من تسوّل له نفسه خيانة وطنه.
قصة أكرم نظمي ليست فقط قصة خيانة فرد، بل رسالة واضحة بأن من يبيع ضميره، لا يلقى سوى الهوان. الوطن قد يواجه أزمات وتحديات، لكنه لا يغفر للخونة. والتاريخ لا يرحم من لطّخ اسمه بالخزي.