الأسرة والطفل

غضب الأطفال الصغار: لغة غير منطوقة تحتاج احتواء

كتبت: سالي جابر .. أخصائية نفسية 

نوبات الغضب عند الأطفال في سن ٣ سنوات تُعدّ أمرًا طبيعيًا وشائعًا جدًا، وهي جزء من نمو الطفل العاطفي والاجتماعي. في هذه المرحلة، يكون الطفل قد بدأ يشعر بالاستقلالية لكنه لا يمتلك بعد المهارات اللغوية أو التنظيمية الكافية للتعبير عن مشاعره أو احتياجاته بشكل ملائم، فيلجأ إلى الغضب والصراخ أو البكاء أو الرفس للتعبير عن الإحباط أو الاعتراض.

أسباب نوبات الغضب عند الأطفال في سن ٣ سنوات:

1- رغبة في الاستقلال: الطفل يريد أن يقرر بنفسه (مثلاً: يختار ملابسه أو طعامه).

2- الإحباط: بسبب عدم قدرته على تنفيذ شيء ما أو التواصل بشكل جيد.

3- التعب أو الجوع أو قلة النوم: تؤثر على مزاج الطفل بشدة.

4- البحث عن الاهتمام: أحيانًا يكرر السلوك ليرى رد فعل الأهل.

5-الحدود غير الواضحة: عدم الاتساق في التربية يؤدي إلى التمرد والغضب.

كيفية التعامل مع نوبات الغضب:

1-ابقَ هادئًا: لا تصرخ ولا تعاقب فورًا، حافظ على هدوئك.

2- تجاهل النوبة عند بدايتها إن لم تكن مؤذية: إذا لم يكن هناك خطر على الطفل أو من حوله.

3- تحديد السبب: هل هو جائع؟ متعب؟ يشعر بالغيرة؟ حاول فهم السبب لتفاديه لاحقًا.

4- خيارات محدودة: أعطه بدائل ليشعر بالتحكم (مثلاً: هل تفضل تفاحة أم موزة؟).

5- الثبات في القواعد: لا تتراجع إذا كان سبب النوبة هو الرفض.

6- مدح السلوك الجيد: عندما يهدأ، امدحه وبيّن له أنك تفهم مشاعره.

متى يجب القلق؟

– إذا استمرت النوبات بشكل متكرر جدًا وطويل.

– إذا كان الطفل يؤذي نفسه أو الآخرين.

– إذا صاحب الغضب تأخر في اللغة أو مهارات التواصل.

أنواع نوبات الغضب:

أولًا: النوبات الانفعالية:

 نوبة مفاجئة من البكاء أو الصراخ الشديد بسبب مشاعر غامرة لا يستطيع الطفل التعبير عنها.

السبب: الإحباط، أو التعب، أو عدم القدرة على تنفيذ شيء ما بمفرده.

كيفية التعامل معها:

– اقتربي منه بلطف، وعبّري عن فهمك لمشاعره: “أنا شايفة إنك زعلان”.

– لا تحاولي شرح الأمور في لحظة الانفعال، فقط طمئنيه وانتظري حتى يهدأ.

– بعد أن يهدأ، ناقشي معه ما حدث وساعديه على وصف مشاعره بالكلمات.

ثانيًا: النوبات التفاوضية:

نوبة تحدث عند رفض طلب معين (مثل شراء لعبة أو حلوى)، فيبدأ الطفل بالصراخ أو رمي الأشياء.

السبب: اختبار الحدود، أو تعلم أن النوبة تجلب له ما يريد.

طريقة التعامل:

-اثبتي على موقفك، ولا تستجيبي لطلبه أثناء النوبة.

تجاهلي السلوك إن لم يكن مؤذيًا، أو خذيه بهدوء إلى مكان – جانبي حتى يهدأ.

-بعد النوبة، اشرحي له بهدوء: “لما تعوز حاجة، لازم تطلبها بهدوء”.

– امدحي أي طلب يُقدمه بطريقة سليمة.

ثالثًا: نوبات التعب أو الجوع:

 بكاء وانفعال سريع دون سبب واضح.

بسبب انخفاض طاقة الطفل أو الجوع أو قلة النوم.

طريقة التعامل:

– تفقدي حالته الجسدية أولًا: هل أكل؟ هل نام جيدًا؟

– وفري له الراحة أو وجبة خفيفة إذا كان محتاجًا.

– قللي من التحفيز حوله، وأعطيه فرصة للراحة.

رابعًا: نوبات في الأماكن العامة:

 صراخ أو بكاء مفاجئ أمام الناس.

بسبب شعور بالضغط، أو رغبة في لفت الانتباه، أو رفض أمر ما.

طريقة التعامل:

– لا تحاولي تهدئته أمام الجمهور بوعود أو هدايا.

– خذيه بهدوء إلى مكان أكثر خصوصية وتحدثي معه هناك.

– حافظي على هدوئك، ولا تجعلي “نظرات الناس” تضغطك.

خامسًا: نوبات العدوان (ضرب، عض، رمي أشياء)؛

تعبير عن الغضب بالعنف.

بسبب عجز عن التعبير بالكلام أو الغيرة أو تقليد لسلوك شاهده.

طريقة التعامل:

– أوقفي السلوك فورًا بحزم دون صراخ: “لا نضرب، هذا مؤلم”.

– أبعديه قليلًا لتهدأ أعصابه (كرسي التهدئة لمدة دقيقة أو اثنين).

– شجعيه لاحقًا على استخدام الكلمات بدل الأفعال.

نوبات الغضب جزء طبيعي من نمو الطفل، لكنها تحتاج إلى وعي وثبات وتكرار في التعامل. وكلما كانت استجابتك هادئة ومتزنة، تعلّم الطفل كيف ينظم مشاعره ويتعامل مع الإحباط.

تدريب الطفل ذو الثلاث سنوات للتعبير عن غضبه:

1ـ التسمية والتعبير عن المشاعر:

الأطفال في هذا العمر لا يعرفون أسماء مشاعرهم، فيلجؤون للصراخ أو الضرب.

وما يجب عليكِ فعله:

استخدمي كلمات بسيطة: “أنتَ زعلان؟”، “شكلك غضبان”، “زعلان علشان أنا قلت لا؟”

كرري الألفاظ المشاعرية في المواقف المختلفة حتى يحفظها الطفل.

مثال:

أنا شايفة إنك زعلان علشان مش هنروح الحديقة، صح؟

ممكن تقول: أنا زعلان، بدل ما تصرخ.

2- تعليم الطفل بدائل آمنة للغضب:

بدلًا من الضرب أو الصراخ، علّميه ما يمكن فعله عندما يغضب.

أفكار سهلة:

– أنفخ في الهواء ٣ مرات.

– أعصر كرة مطاطية بيدي.

-أرسم شكلي وأنا غضبان.

– أذهب إلى ركن التهدئة (مكان فيه وسادة ولعبة مريحة).

3. استخدام القصص والألعاب:

القصص المصورة وألعاب التمثيل تساعد في ترسيخ السلوك.

مثال:

-قصة طفل يغضب لكنه يتنفس بعمق، ثم يطلب ما يريد بهدوء.

-دُمية تمثل الغضب، وطفلك يساعدها على الهدوء.

4- تعزيزه عندما ينجح:

كل مرة يعبّر عن مشاعره بشكل جيد، امدحيه فورًا.

مثال:

– أنا فخورة بيك إنك قلت إنك زعلان بدل ما تصرخ.

– شُفت؟ لما اتكلمت بهدوء فهمتك بسرعة.

5- ركن التهدئة (وليس العقاب):

خصصي مكانًا صغيرًا فيه بطانية أو وسادة أو لعبة هادئة، أو ليرسم أو يلون يلجأ إليه الطفل إذا شعر بالغضب.

سمّيه مثلًا: “ركن الراحة”، “ركن التهدئة”، “بيت الهدوء”.

هذه الخطوات تحتاج صبر وتكرار، لكن الطفل سيتعلم بمرور الوقت أن مشاعره مسموح بها، لكن التعبير عنها له حدود وآداب.

عليكِ تحديد نوع نوبة الطفل، وتسجيل السبب لغضبه، وطريقة تعاملك معه، وكم مرة يحدث هذا السلوك. طريقة للتخلص منه بطريقة مرتبة ومنظمة، واعلمي عزيزتي أن التربية تحتاج لصبر، وأن الغضب لا يعوق عملية التربية بل يطورها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى