تأثير التواصل الإيجابي بين الوالدين والأبناء على بناء الشخصية.

د. ياسمين عبدالله
في حياة كل طفل، يشكل التواصل مع والديه الركيزة الأساسية التي تبني شخصيته وتحدد طريقه في الحياة، فالكلمات التي يسمعها والاهتمام الذي يشعر به تترك أثراً عميقاً في نفسه، وعندما يكون هذا التواصل مبنياً على الفهم والاحترام، ينمو الطفل ليصبح واثقًا من نفسه وقادرًا على التعبير عن مشاعره وأفكاره بكل حرية،
ومن هنا تبدأ أهمية الاستماع الجيد، فالطفل الذي يشعر بأن والديه يستمعون إليه بصدق واهتمام، يكتسب شعوراً عميقاً بالأمان والطمأنينة، وهذا الشعور هو الذي يشجعه على الانفتاح والمشاركة في حياة الأسرة، مما يعزز الروابط العائلية ويقلل من شعوره بالوحدة أو القلق،
وبالتالي، فإن تشجيع الطفل على التعبير بحرية عن مشاعره، سواء كانت فرحاً أو حزناً، يساعده على تعلم كيفية التعامل مع عواطفه بطريقة صحية ومتزنة، وهذا التواصل المفتوح يضمن للطفل أنه ليس وحده في مواجهة مشاعره، بل لديه من يدعمه ويقف بجانبه،
ومع استمرار هذا الحوار الهادئ المبني على الاحترام المتبادل، يتعلم الطفل كيف يفهم الآخرين ويتعامل معهم بلطف ووعي، وهذه المهارات الاجتماعية المبكرة تشكل حجر الزاوية في بناء شخصية متوازنة، قادرة على مواجهة تحديات الحياة بحكمة وثبات،
علاوة على ذلك، لا يقتصر تأثير التواصل الإيجابي على العلاقة بين الوالدين والأبناء فقط، بل يمتد ليشمل جميع جوانب حياة الطفل، إذ ينعكس ذلك بشكل مباشر على تحصيله الدراسي، وتطوره الاجتماعي، وقدرته على اتخاذ القرارات السليمة في المستقبل، مما يجعل التواصل الجيد استثماراً طويل الأمد في بناء جيل قوي ومسؤول،
وأخيراً
يجب على الوالدين أن يدركوا أن توفير بيئة تواصل مليئة بالحب والاحترام ليست رفاهية، بل ضرورة حتمية لضمان نمو أطفالهم بطريقة صحية وسليمة، فكل كلمة طيبة، وكل استماع صادق، يشكلان حجر الأساس الذي يبني شخصية متزنة، قادرة على مواجهة تحديات الحياة بثقة وأمل، وينشئ جيلًا قادرًا على التفاعل بإيجابية مع محيطه والمجتمع بأكمله.