تقارير

تطور شكل المئذنة عبر العصور من البساطة إلى الروعة المعمارية

 

 

نجده محمد رضا

 

المئذنة، رمز إسلامي بارز وركيزة أساسية في تصميم المساجد، لم تكن فقط وسيلة لرفع صوت الأذان، بل تحولت عبر العصور إلى تحفة معمارية تعكس روح كل عصر وحضارته. من البدايات البسيطة إلى الزخارف المعقدة، شهدت المآذن تطورًا لافتًا في الشكل والتصميم.

 

1. العصر الأموي (661–750م) البساطة والقوة

في العصر الأموي، ظهرت أولى المآذن بشكل متأثر بالأبراج الرومانية، وكانت غالبًا مربعة القاعدة، بسيطة في الزخرفة، ومرتفعة نسبيًا. مئذنة الجامع الأموي في دمشق تُعد من أقدم النماذج، وهي مبنية على نمط البرج الحجري الصلب.

 

2. العصر العباسي (750–1258م) التنوع والوظيفة

بدأت المآذن تأخذ أشكالاً أكثر تنوعًا، فظهرت المآذن الأسطوانية والمثمنة، واهتم العباسيون بوظيفة المئذنة أكثر من زخرفتها، ولكنهم استخدموا الطوب والخزف بشكل واسع. من أشهر نماذج تلك الفترة، مئذنة سامراء الحلزونية، التي تتميز بتصميم فريد مستوحى من الزقورات القديمة.

 

3. العصر الفاطمي (909–1171م) الزخرفة والرمزية

في مصر، اتخذت المآذن في العصر الفاطمي طابعًا مميزًا، إذ كانت غالبًا مثنّاة (زوجية)، مزخرفة بزخارف هندسية ونباتية دقيقة، واستخدمت القباب الصغيرة لتتويجها. مثال على ذلك مئذنة الجامع الأزهر.

 

4.العصرالمملوكي(1250–1517م)الفخامة والارتفاع

بلغت المآذن ذروة الزخرفة المعمارية، حيث صارت متعددة الطوابق، مزينة بالمقرنصات، والنقوش الدقيقة، مع استخدام الحجر المزخرف. مآذن جامع السلطان حسن ومسجد المؤيد شيخ في القاهرة من أبرز النماذج.

 

5. العصر العثماني(1299–1924م) الرشاقة والارتفاع الشاهق

اشتهرت المآذن العثمانية بشكلها الأسطواني النحيل وقممها المخروطية، وغالبًا ما كانت مزدوجة أو رباعية، كما في جامع السلطان أحمد (الجامع الأزرق) في إسطنبول. كانت تعبيرًا عن هيبة الدولة العثمانية وقوتها.

 

6. العصر الحديث الحداثة والتقنية

في العصر الحديث، اتجه المعماريون إلى دمج تقنيات البناء الحديثة، فظهرت مآذن باستخدام الخرسانة والزجاج والفولاذ، بتصاميم جريئة تجمع بين الطابع الإسلامي والحداثة. بعض المآذن اليوم مزودة بمصاعد وكاميرات، كما في مآذن الحرم المكي المطوّرة.

 

تُعد المئذنة سجلًا معماريًا حيًا يعكس تطور الفكر الإسلامي والفن المعماري في مختلف العصور. من بساطة الأمويين إلى فخامة المماليك ورشاقة العثمانيين، وحتى جرأة الحداثة، تظل المئذنة شاهدًا صامتًا على تعاقب الحضارات الإسلامية وتنوعها الثقافي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى