ديني

الإنسان بين المأمول والمقدور

د. فرج العادلي

«كل ما يستطيع البشر أن يفعله معك، هو تنفيذ مراد الله فيك»
(الشيخ الشعراوي_رحمه الله تعالى_)

ومن قبله قول سيدنا المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك (إذا بهم أو بدونهم هو لك) ولو اجتمعت على أن يضروك لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك (إذا هو مصيبك بهم أو بغيرهم أو بدونهم أو بضدهم جميعا)

وهناك حديث آخر: واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك.
فلا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا، فهذا خطأ؛ لأنه لن يكون إلا ماكان، ولن يكون إلا ما سيكون.

والإنسان في هذه الدار يؤدي اختبارا، تارة بالعطاء، وتارة بالمنع، فليس في الدنيا جزاء، إنما الجزاء، والعطاء يوم القيامة.

ولذلك يقول علماء الكلام: ونحن بين الصُلُوحي القديم، والتنجيزي القديم، والتنجيزي الحادث، وهي أمور موجودة تتكشف لنا وبنا، ونحن نسير في فلكها، شئنا أم أبينا، وهذا لا يعني أننا جبرية (معاذ الله) بل عندنا نوعُ اختيار، وميل، وأمور أخرى لا يصلح الكلام فيها في هذا المقام.

لكن ما نريده أن الإنسان يقدم ما يستطيع، ويفعل ما يقدر عليه، ثم يسلم ورقة جهده وتعبه، وسهره، وسفره، وكفاحه لله سبحانه وتعالى، وسيثيبه على كل ذلك إن شاء لوعده « فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره» لكن أن يعطيه ما يريد على هذا التعب أو المقابل أو ما كان يأمل، فهذا ليس من المتفق عليه، وذلك لأمرين
الأول: لأن الأرزاق قُسّمت وقدرت قبل أن يخلق الله الخليقة، قال تعالى { وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين} فالأرزاق قسمت وقدرت مع خلق السموات والأرض، فالأمر منتهي، ويجب أن نكون على علم بهذا.

الثاني:
لأن العبد لا شرط له، ولا اتفاق مع سيده، ولأنك قد تطلب ما فيه ضرك من حيث تظن النفع، وتترك ما فيه الخير لك من حيث تظن أن فيه ضرك، وقصة سيدنا موسى وسيدنا الخضر عليهما السلام من أمر السفينة، والغلام، والجدار لخير شاهد على ما نحن فيه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى