ديني

رسائل من الهجرة النبوية

كتبه/  د.ابراهيم عوض
لقد أهل علينا منذ ايام هلال شهر الله المحرَّم معلنا بداية العام الهجري الجديد، لنتذكر اعظم حدث الا هو ذكرى هجرة الرسول الكريم صلى الله وعليه وسلم وصحابته الكرام رضوان الله عليهم أجمعين من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، ذلك الحدث الجليل الذي انتقلت به دولة الإسلام من مرحلة الضيق والخناق إلى مرحلة السعة والانطلاق، ولتكون تغييرا للموقع وليس تغييرا للموقف، تلك الواقعة العظيمة التي تمثل للإسلام والمسلمين انتصارا لا فرارا، والتي بزغ خلالها أسمى معاني التضحية والفداء وحسن الصدق والصداقة، وتجسدت فيها قيم الصبر والتوكل على الله.
تعود إلينا هذه الذكرى العطرة المباركة ونحن نعيش واقعا أليما، يعاني فيه المسلمون في فلسطين أشد ألوان البطش والظلم والقتل، وأبشع أنواع التدمير والتهجير.
تعود إلينا هذه ذكرى هجرة الرسول الكريم لتأخذنا إلى ربط الحاضر بالماضي، فنقارِنَ بين هجرة اليهود لفلسطينَ وإقامة وطنٍ لهم على أرضها، وهجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة لإقامة مجتمَعٍ مسلِمٍ فيها، وكذلك تهجير اليهود الآثم لأهل فلسطين من ديارهم ووطنهم.
إذا أردنا أن نعقد مقارنة سريعة بينها، فيمكن أن نعقدها في نقاط:
١- هجرة اليهود إلى فلسطين كانت بناء على مؤامرة خبيثة، بدأت منذ ذلك الوعد المشؤوم (وعد من لا يملك لمن لا يستحق) فسارع اليهود من شتى بقاع الأرض إلى فلسطين قاصدين إخراج أهلها، وتدنيس مقدساتها، ونهب مقدراتها، فكانت هجرتهم إليها شؤما وظلما وعدوانا، بينما كانت هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة هجرة خير وبركة على أهل المدينة، رحبوا بها، وفرحوا لوقوعها، واستبشروا بقدوم رسول الله عليهم بعد أن عاهدوا وعقدوا معه البيعة على نصرته ومحبته، وبعد أن استقبلت نفوسهم الإسلام طواعية وحبا ورضى، لينتقل إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيستقبلوه بالفرح والترحاب، ويعقد مع اليهود في المدينة المعاهدات التي تضمن لهم أمنهم وسلامتهم، فيغدروا به كعادتهم، وينقضوا العهد والميثاق.
٢- كانت هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم ضرورة ملحة، لأن أهله في مكة خذلوه، وتآمروا عليه ليثبتوه أو يقتلوه أو يخرجوه، فكان لا بد من هجرته، ولا مناص عن المدينة ليهاجر إليها، أما هجرة اليهود إلى فلسطين فكانت بلا حاجة إلا لإقامة مجدهم المزعوم، وبناء هيكلهم المشؤوم، مع أنهم كانوا متفرقين في أرجاء الأرض، وينعمون بالأموال والتجارة ودعم بريطانيا وغيرها.
٣- كان قدوم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة قدوم خير وبركة ونشر لقيم السلام والبر والإحسان، وكان قدوم اليهود إلى فلسطين خرابا ودمارا وقتلا وسرقة وظلما.
٤- دخل الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة وأحب أهلها، وعشق ترابها، وأصلح أحوالها، ودخل اليهود فلسطين فخربوها ودمروها.
وهكذا فإنه شتان ما بين هجرة وهجرة، وشتان ما بين فريق وآخر، أما النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام فهم أكرم الخلق، وأحسن الناس، لما نشروا من خير وسلام وإسلام، وأما اليهود فهم أهل خداع ومكر، وظلم وبطش، نشروا الفساد، وأشاعوا الدمار، وقالوا أصحاب الديار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى