غسل الكعبة المشرفة شرف عظيم وميراث نبوي خالد

د حمدان محمد
في مشهد مهيب يترقبه المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها يُقام سنويًا حفل غسل الكعبة المشرفة داخل بيت الله الحرام حيث يُجدد فيه تعظيم أطهر مكان على وجه الأرض ويُغسل بالماء الطاهر والطيب اقتداء بسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم (دخل الكعبة يوم فتح مكة في السنة الثامنة للهجرة فأمر بإزالة ما فيها من تماثيل وصور وقام بتطهيرها ومن بعده استمر الخلفاء الراشدون على هذه السنة النبوية الشريفة) ويتم غسل الكعبة عادة مرة أو مرتين في العام وغالبًا ما يكون ذلك في شهر محرم أو شهر شعبان حسب ما تعلنه الجهات الرسمية في المملكة العربية السعودية وغالبًا ما يتم الغسل عقب صلاة الفجر بحضور جمع من كبار المسؤولين والعلماء وسدنة بيت الله الحرام
ويتقدم هذا المشهد الإيماني كبير سدنة الكعبة المشرفة من بني شيبة وهم العائلة التي اختصها الله منذ عهد قصي بن كلاب بشرف حمل مفاتيح الكعبة ورعاية شؤونها وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم هذا الشرف لهم يوم فتح مكة عندما قال
(خذوها يا بني شيبة خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم) فبقيت فيهم إلى يومنا هذا توارثها الأبناء عن الآباء قرونًا طويلة ويُحضَر مفتاح الكعبة الذي لا يُفتح بابها إلا به ويقف حامل المفتاح عند الباب بينما يقوم الحاضرون بغسل الجدران من الداخل باستخدام ماء زمزم الممزوج بماء الورد والعود الفاخر ثم تُمسح الجدران والأرضيات بقطع قماش بيضاء مبللة بذلك الخليط الطيب وهذا الغسل لا يُعد مجرد طقس تقليدي بل هو إعلان متجدد عن مكانة الكعبة وتعظيمها وتطهيرها وإحياء لسنة عظيمة تؤكد قدسية هذا البيت الذي جعله الله قبلة للمسلمين ومهوى لأفئدتهم
قال تعالى (إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين)
وهنيئا لبني شيبة هذا الشرف الذي اختصهم الله به من دون الناس فحملوا مفاتيح الكعبة وخدموا بيت الله طيلة قرون وهنيئا لمن حضر غسل الكعبة وشارك في تطييبها ونال هذا الفضل العظيم
اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة وزد من شرفه وكرمه من يحج إليه أو يعتمر وأدم له الطهر والنور ووفق من يخدمه ويقوم على شأنه لما تحب وترضى