تأثير راشومون

بقلم – م. علاء عبد الستار
هو وجود أكثر من شاهدٍ لحادثةٍ واحدة، وكل شخص يعطي رواية مختلفة، كان تفسيري لذلك هو الانطباعات المختلفة لدى الشهود. فلو فرضنا مثلًا حادث سيارة تقودها سيدة والمصدوم رجل كبير في السن، فسوف يتحيز البعض للرجل العجوز لمجرد أنه عجوز، والبعض الآخر لن يتحيز للعجوز، لكنه سيدين المرأة لأن الانطباع الدائم لديه أن النساء لا يُجدن القيادة. وسوف تدافع بعض النساء عن المرأة فقط لأنها امرأة مثلهن، والبعض الآخر سيلوم الرجل العجوز لأن نظره حتمًا ضعيف وحركته بطيئة على الطريق. كل هذه الانطباعات لمشهد واحد لم يدم سوى ثوانٍ معدودة، ومع ذلك ستجد لكل شاهد للحادث رواية مختلفة، رغم أن الشهود لا يعرفون أطراف الحادث.
تذكرت حادثة حصلت لي في عام 2013، عندما صدمني شاب متهور يقود سيارة من الخلف بعد أن فقد السيطرة على السيارة. بعد التصادم، وجدت أصحاب السيارات الشهود، أحدهم يقول إن سيارة الشاب تهشمت من الأمام وتكلفة إصلاحها أكثر من إصابات سيارتي من الخلف، و هذا يكفى بالنسبة له، وآخر يقول لا بد أن مكابح السيارة توقفت عن العمل يبدو لى الأمر كذلك، وثالث قال: “أكيد أخذ السيارة من وراء والده، ويكفيه عقاب والده”. ولم أجد شاهدًا واحدًا يتحدث عن حقي أنا، الشخص الملتزم في القيادة، والملتزم بالحارة المرورية، وخسارة الوقت والمال بسبب آخر مهما كانت أسبابه.
بعد هذه الحادثة تحديدًا، تأكدت أن إنطباعات الناس تدخل في رسم الصورة. تخيل عندما يكون وصف حادث ما لأشخاص تعرفهم، وكم التدخلات التى يمكن أن تدخل فى وصف حادث ما، ما بين الكراهية والحب والغيرة وكل المشاعر الإنسانية، (بل و الأخطر حينما تدخل المصالح)، التي يمكن أن تدخل في الصورة. البشر متحيزون بطبعهم، وقليل من يستطيع الإفلات من ذلك ليكون موضوعيًا في حكمه.