الصحة والجمال

التسمم المائي في الصيف: كيف تحمي نفسك؟

كتبت: د. إيمان بشير ابوكبدة 

يتسبب التسمم المائي، المعروف أيضًا بفرط الترطيب أو نقص صوديوم الدم، في انخفاض حاد في مستوى الصوديوم في الدم بسبب شرب كميات كبيرة جدًا من الماء في فترة قصيرة. على الرغم من أن الماء ضروري للحياة، إلا أن الإفراط فيه قد يكون قاتلاً.

لماذا يحدث التسمم المائي في الصيف؟

في فصل الصيف، يميل الناس إلى شرب كميات أكبر من الماء لتعويض السوائل المفقودة بسبب ارتفاع درجات الحرارة والتعرق الزائد. ومع ذلك، فإن شرب الماء النقي فقط دون تعويض الأملاح والمعادن (الإلكتروليتات) التي يفقدها الجسم عن طريق العرق، يمكن أن يؤدي إلى تخفيف تركيز الصوديوم في الدم، مسببًا التسمم المائي.

آلية حدوث التسمم المائي:

يحدث التسمم المائي عندما تتجاوز كمية الماء المتناولة قدرة الكلى على التخلص منها عن طريق البول. فالكلى لا تستطيع التخلص من أكثر من لتر واحد من الماء في الساعة تقريبًا. عندما يدخل الكثير من الماء إلى الجسم بسرعة، يتخفف تركيز الصوديوم في الدم (نقص صوديوم الدم). يلعب الصوديوم دورًا حيويًا في الحفاظ على توازن السوائل داخل وخارج الخلايا. عندما ينخفض مستوى الصوديوم، ينتقل الماء من الدم إلى الخلايا، مما يؤدي إلى تورمها، خاصة خلايا الدماغ، وهو ما يسمى بالوذمة الدماغية، وهي الحالة الأخطر.

أعراض التسمم المائي

تتراوح الأعراض من الخفيفة إلى الشديدة:

الأعراض المبكرة: الصداع، الغثيان والقيء، الارتباك والتشوش، التعب والخمول، تشنجات وضعف العضلات، الانتفاخ أو التورم في اليدين والقدمين، وكثرة التبول (بول شفاف تمامًا).

الأعراض الشديدة (تتطلب رعاية طبية فورية): النعاس الشديد، ارتفاع ضغط الدم، اضطراب الرؤية، ضيق التنفس، تغيرات في الحالة العقلية (مثل الذهان أو اضطرابات الشخصية)، نوبات صرع، فقدان الوعي، غيبوبة، وقد تصل إلى الوفاة في الحالات الشديدة والنادرة.

من هم الأكثر عرضة للتسمم المائي في الصيف؟

الرياضيون الذين يمارسون رياضات التحمل: مثل العدائين في الماراثون ورياضيي الترياثلون، الذين يشربون كميات كبيرة من الماء قبل وأثناء وبعد السباقات دون تعويض الإلكتروليتات.

الأشخاص الذين يعملون في درجات حرارة عالية جدًا: والذين قد يشربون كميات هائلة من الماء لمحاربة العطش دون وعي بتأثير ذلك على الصوديوم.

بعض الحالات الطبية: مثل أمراض الكلى أو القلب، أو بعض الأدوية التي تؤثر على توازن السوائل في الجسم.

النساء والأطفال وكبار السن: قد يكونون أكثر عرضة بسبب صغر حجم أجسامهم أو تدهور وظائف الكلى.

الوقاية من التسمم المائي في الصيف

تعتمد الوقاية على الاعتدال والانتباه لإشارات الجسم:

اشرب حسب العطش: استمع إلى جسمك واشرب الماء عندما تشعر بالعطش، وليس لمجرد الشرب.

لا تفرط في الشرب بسرعة: تجنب شرب كميات كبيرة جدًا من الماء في فترة قصيرة، فالكلى لا تستطيع التعامل مع أكثر من لتر واحد في الساعة.

عوض الإلكتروليتات: إذا كنت تمارس نشاطًا بدنيًا مكثفًا أو تتعرق بغزارة في الجو الحار، ففكر في تناول مشروبات رياضية تحتوى على الإلكتروليتات (الصوديوم والبوتاسيوم) بدلاً من الماء النقي فقط. يمكن أيضًا تناول وجبات خفيفة مالحة.

راقب لون البول: البول الشفاف تمامًا قد يكون علامة على الإفراط في شرب الماء. اللون الأصفر الفاتح يدل على ترطيب جيد.

استشر طبيبك: إذا كنت تعاني من حالات طبية معينة أو تتناول أدوية قد تؤثر على توازن السوائل، تحدث مع طبيبك حول الكمية المناسبة من الماء لك.

علاج التسمم المائي

يعتمد العلاج على شدة الحالة:

الحالات الخفيفة: قد يكتفي الطبيب بتقليل كمية السوائل التي يتم تناولها.

الحالات الشديدة: قد يتطلب الأمر العلاج في المستشفى، حيث قد يتم إعطاء المريض مدرات البول للمساعدة في التخلص من الماء الزائد، ومحلول ملحي وريدي لرفع مستويات الصوديوم في الدم ببطء وحذر، بالإضافة إلى علاج أي حالة طبية أساسية قد تكون سببًا في التسمم المائي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى