ديني

الانتماء.. بين الهوية الإسلامية والتحديات المعاصرة

د/حمدان محمد
الانتماء قيمة إنسانية أصيلة تتجلى في الشعور بالولاء والارتباط بالجذور، وهو ليس مجرد إحساس داخلي، بل سلوك يُترجم في الواقع من خلال الأفعال والمواقف. وفي ظل المتغيرات العالمية المتسارعة، بات الانتماء قضية محورية تحتاج إلى إعادة تأكيد وترسيخ، خاصة أن الأصل الذي يجب أن يستند إليه انتماؤنا هو الإسلام، الذي يشكل هويتنا الراسخة وقيمنا الثابتة.
فالانتماء الحقيقي للأمة الإسلامية يبدأ بالوعي بأننا أمة واحدة، يجمعنا الدين قبل أي اعتبارات أخرى، مصداقًا لقوله تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 92]. فالإسلام ليس مجرد دين يؤدى في العبادات، بل هو هوية تحدد نظرتنا للحياة، وميزان أخلاقنا، ومصدر قيمنا، فهو الذي يرسخ فينا معاني العدل، والرحمة، والتعاون، والإحسان.
ومع التطورات الفكرية والاجتماعية، باتت هناك محاولات لطمس الهوية الإسلامية وإضعاف الشعور بالانتماء للأمة، من خلال تيارات فكرية متطرفة تدعو إما إلى الانغلاق والانفصال عن العصر، أو إلى الذوبان والتخلي عن القيم والثوابت. كما أن وسائل الإعلام الحديثة تسهم في نشر مفاهيم مغلوطة تجعل البعض ينظر إلى انتمائه الإسلامي وكأنه عقبة أمام التقدم، في حين أن الإسلام كان ولا يزال أساس النهضة الحقيقية.
ولكن كيف نعزز الانتماء؟
1. العودة إلى تعاليم الإسلام الصحيحة: وذلك بفهم الدين فهمًا صحيحًا، بعيدًا عن الغلو أو التفريط، والتأكيد على القيم الإسلامية التي تعزز الوحدة والأخلاق الحميدة.
2. دور المؤسسات التعليمية والإعلامية: يجب أن تكون المناهج الدراسية والإعلام هادفين إلى غرس قيم الانتماء، وإبراز الهوية الإسلامية بشكل إيجابي، بعيدًا عن التشويه والتشدد.
3. العمل الجماعي والتكافل الاجتماعي: فالانتماء لا يُترجم بالكلمات فقط، بل يجب أن يكون واقعًا ملموسًا من خلال العمل لصالح المجتمع، ودعم الفئات المحتاجة، وتعزيز روح التعاون.
4. الفخر بالتاريخ الإسلامي والحضارة: من المهم أن نعرف تاريخنا الإسلامي المجيد، الذي أسهم في تقدم البشرية، ونبني حاضرنا ومستقبلنا على أساس هذه الإنجازات.
وإن الانتماء الحقيقي للإسلام ليس مجرد شعار يُرفع، بل التزام فكري وسلوكي يجسد القيم الإسلامية في كل جوانب الحياة. فإذا فهمنا أصل انتمائنا، وأدركنا مسؤوليته، استطعنا أن نكون لبنة صالحة في بناء أمة قوية، تقود العالم بالعدل والعلم والأخلاق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى