غياب القدوة والحكمة وفَساد الأجيال

بقلم / رمضان رجب
ازدوجت المعايير واختلفت كثيرًا، حينما ينام الحراس يضيع حقوق الأبناء بل حقوق المجتمع ك كل، قديمًا كانت نوافذ البيوت تضيء ليلاً لهدفٍ ما ينتج من خلاله الوعي والدفء العائلي والنُصح الدائم للأبناء، لكن اليوم لم تعد تضئ من نور المصابيح، بل من وهج الشاشات، شاشةٌ بيدِ طفلٍ لم يتجاوز العاشرة، يتنقّل بين مقاطع التيك توك، فيضحك على ألفاظٍ لا يعرف معناها، ويردد أغاني لا تليق بلسانه الصغير.
وأخرى فتاةٌ صغيرة، تتعلّم من المواقِع أن الجمالَ فلتر، وأن القيمةَ أصبحت بعدد المتابعين، لا بحُسنِ الخُلق أو بالعقلٍ الراجح…
لماذا فسد الجيل، ماذا عن المنزل؟
بات ساحةً فارغة من الروح، ليست فيه جلسة عائلية، فلا حكاية ما قبل النوم، ولا حوار بين أبٍ وإبنه، فقط، حالات مِن الصمت الرقميٌّ القــ ـاتـ ـل.
وفي المساء، حين يُغلق الصغار أعينهم على مشاهد القبح والتشويش، تُفتح شاشاتٌ أخرى: مسلسل يُجمّل الخيانة، وآخر يُبرر الانحراف، وفيلم يُحاكي البلطجة كبطولة، ويُظهر الملتزم إرهابيًّا، والداعية مهرّجًا، والمرأة الصالحة رجعيةً لا تُواكب العصر.
أين القدوة؟
فالأب ضاعت هيبته خلف ستار الانشغال، والأم تلاشى حنانها في زحام التفاعل والإعجاب، وأما عن وسائِلُ الإعلام فحدث ولا حرج، باعوا الرسالة، واشتروا المشاهدات، وقد سُلبت من الكُتب والصلحاء، وزُرعت في وجه فنانٍ أو راقصة أو صانع محتوى فارغ!
لسنا في زمن الضياع، بل في وقت التخدير البطيء، يُسلَب منّا الدين، والهوية، والحياء، ببطءٍ وخُبث، حتى إذا أردنا الصحوة، لم نجد نفسًا صحيحة تقوى على النهوض.
ومن غرس في نفسه اللامبالاة، لن يقطف إلا الندم، فالطفل لا يَشبُّ على كُلِ ما تقول، بل عن كل ما يرى، وما دام بيتك بلا صوتٍ يطمئن وكلامٌ يَبني، فانتظر أن يعلوه كل ضجيجٍ مُفسد.
أيقظوا الحُرّاس قبل أن ينام الجميع إلى الأبد، ونُصبح في خبر كان، أفيقوا، فقد اقترب الزمان الذي لا يُصلِح فيه النُصح، ولن يُجدي فيه العتاب.