الصحة والجمال

هل الإفراط في تناول المياه الغازية يؤثر على الكلى؟

كتبت: د. إيمان بشير ابوكبدة 

تنبع فكرة تأثير المياه الغازية سلبًا على صحة الكلى من سلسلة من الافتراضات الباطلة والمقارنات المضللة بتأثيرات المشروبات الغازية السكرية كالصودا. لطالما ساد الاعتقاد بأن فوّارتها وحموضتها الخفيفة ترهق الكلى وتساهم في تكوين حصوات الكلى.

دحض العلم هذه الخرافات وأكد أنها آمنة لمعظم الأصحاء. غالبًا ما تصنع المياه الغازية من الماء وثاني أكسيد الكربون، وهو غاز غير ضار يعطيها تأثيرًا فوارًا. تحتوى بعض الأنواع التجارية على معادن مثل الصوديوم والكالسيوم والمغنيسيوم، مما يضفي نكهة مميزة.

مع ذلك، ليس لهذه المعادن تأثيره شيء يذكر على الصحة عند تناولها باعتدال. فكميتها معتدلة ولا تؤثر على توازن المعادن في الجسم. إضافة إلى ذلك، فإن معظم المنتجات خالية من السكر والكافيين والمواد المضافة والسعرات الحرارية، مما يجعلها منعشة تروي العطش.

مع ذلك، من الضروري توخي الحذر في حالات خاصة، مثل مرضى الكلى المزمنين أو ارتفاع ضغط الدم. في هذه الحالات، قد يشكل شرب كميات كبيرة من المياه الغازية عالية الصوديوم مشكلة، إذ يُساهم في احتباس السوائل وزيادة العبء على وظائف الكلى. ورغم أن هذا الأمر نادر الحدوث، إلا أن خطره ليس معدومًا.

وما حموضته؟

تصنف المياه الغازية على أنها “حمضية قليلاً”، حيث يتراوح الرقم الهيدروجيني لها بين 4.23 و6.49 ، مع أنها قد تكون أكثر حمضية قليلاً أحيانًا، حيث يتراوح الرقم الهيدروجيني لها بين 3 و4، حسب العلامة التجارية. وتعود هذه الحموضة إلى محتواها من ثاني أكسيد الكربون (CO₂)، الذي يشكل عند مزجه بالماء حمض الكربونيك، وهو حمض ضعيف.

على الرغم من ارتباط الحموضة بتلف الكلى وخطر تكوّن حصوات الكلى، لا يوجد دليل حتى الآن على أن الاستهلاك المعتدل والمتقطع يسبب هذه التأثيرات لدى الأشخاص الأصحاء. بل على العكس، ثبت أن هذه المياه “بديل جيد، ترطب الجسم تمامًا كالماء العادي”.

والسبب هو أن الجسم لديه القدرة على موازنة درجة حموضته (pH) من خلال أجهزة مثل الرئتين والكلى والعوامل الكيميائية في الدم. لذا، طالما لا يوجد ما يؤثر على وظائفه الطبيعية، فإن شرب المياه الغازية لا يُشكل أي خطر.

ومع ذلك، من الضروري تجنب الإفراط في الاستهلاك واختيار المياه الغازية الخالية من المركبات المضافة مثل السكر والكافيين وحمض الفوسفوريك وغيرها من المواد المضافة، والتي يحمل تناولها مخاطر محتملة على وظائف الكلى، وخاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من أمراض الكلى الموجودة مسبقًا.

كما هو الحال مع أي مشروب، يكمن السر في إيجاد التوازن الصحيح لتجنب الإفراط في تناوله. يمكنك بسهولة تنويع ترطيبك اليومي، ولكن يُنصح بإعطاء الأولوية للماء الطبيعي.

توصيات للاستهلاك الآمن للمياه الغازية

طعم المياه الغازية قليل الحموضة وتأثيرها الفوار يجعلها خيارًا جذابًا ومنعشًا للترطيب. والأفضل من ذلك، يمكن شربها بنفس طريقة شرب المياه العادية، ولكن باعتدال مع مراعاة الاحتياطات المذكورة أعلاه. لضمان سلامتك، تأكد من اتباع هذه القواعد:

حدد حصصك إلى كوب أو كوبين من المياه الغازية يوميًا.

اقرأ الملصقات بعناية واختر الإصدارات منخفضة الصوديوم والخالية من المحليات والنكهات الاصطناعية والكافيين أو الإضافات الأخرى.

تجنب شربه مع وجبات كبيرة لتجنب الانتفاخ.

إذا كنت تعاني من عسر الهضم، أو ارتجاع المريء، أو متلازمة القولون العصبي، فتجنب تناوله. مع أنه لا يسبب مشاكل دائمًا، إلا أنه قد يزيد أحيانًا من أعراض مثل الثقل والانتفاخ والغازات.

الترطيب ضروري لصحة الكلى

لا يضر الماء الفوار بصحة الكلى، بل يساعد في الحفاظ على ترطيب الجسم بشكل كافٍ. هذا مهم للوقاية من أمراض الكلى، إذ يُساعد على التخلص من السموم، ويُوازن السوائل والإلكتروليتات، ويوفر حماية من العدوى.

لكن من الأفضل تخصيص أوقات محددة لاستهلاكها، حيث لا تتجاوز فوائدها المياه الطبيعية أو المعدنية، التي تبقى الخيار الأكثر فعالية واستحساناً لضمان الترطيب الأمثل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى