الصحة والجمال

دواؤك.. قد يكون سمك القاتل

كتبت: د. إيمان بشير ابوكبدة 

إن قضية الأدوية المغشوشة أو المزورة هي خطر عالمي يهدد صحة الملايين وحياتهم، وتعتبر جريمة منظمة لا تقل خطورة عن الإرهاب. في هذا التحقيق الشامل، سنسلط الضوء على كيفية معرفة الدواء المغشوش من الأصلي، والمخاطر المترتبة على استخدامها، ودور الجهات الرقابية والمواطن في مكافحة هذه الظاهرة.

لماذا تنتشر الأدوية المغشوشة؟

هناك عدة عوامل تسهم في انتشار ظاهرة الأدوية المغشوشة:

الربح السريع: صناعة الأدوية المزورة مربحة للغاية، فتكاليف إنتاجها منخفضة جدًا مقارنة بأسعار البيع.

ضعف الرقابة في بعض المناطق: بعض الدول تعاني من ضعف في الأجهزة الرقابية أو نقص في الموارد، مما يسهل على المزورين العمل.

التقدم التكنولوجي في التزوير: أصبح المزيفون يتقنون تقليد العبوات والتغليف بدرجة عالية، مما يصعب كشف الغش بالعين المجردة.

الطلب المتزايد على الأدوية الرخيصة: خاصة في الدول النامية أو في الأزمات الاقتصادية، يلجأ الناس لشراء الأدوية الأقل سعراً دون التحقق من مصدرها.

الشراء عبر الإنترنت: المواقع الإلكترونية غير الموثوقة ومنصات التواصل الاجتماعي أصبحت بؤرًا لبيع الأدوية المزورة.

التهريب: تدخل الأدوية المزورة إلى الأسواق عبر قنوات غير شرعية.

مخاطر الأدوية المغشوشة على الصحة والحياة

تتسبب الأدوية المغشوشة في عواقب وخيمة، تتراوح من عدم الفعالية إلى الوفاة:

فشل العلاج وتفاقم المرض: قد لا تحتوى الأدوية المغشوشة على المادة الفعالة المطلوبة، أو تحتوى عليها بتركيز خاطئ، مما يجعل الدواء عديم الفائدة، ويتدهور وضع المريض دون علاج فعلي.

أعراض جانبية خطيرة ومضاعفات: قد تحتوي على مواد كيميائية سامة، أو مواد حشو ضارة (مثل بودرة السيراميك، الطباشير، السكر)، مما يسبب تفاعلات تحسسية، تسمم، أو تلفًا للأعضاء الحيوية (الكلى، الكبد).

مقاومة الأدوية (المضادات الحيوية): عندما تحتوي المضادات الحيوية المزيفة على جرعات غير كافية من المادة الفعالة، فإنها لا تقضي

على البكتيريا بشكل كامل، مما يساهم في تطور سلالات بكتيرية مقاومة للأدوية.

فقدان الثقة في النظام الصحي: عندما يتناول المرضى أدوية لا تجدي نفعاً، يفقدون الثقة في الأطباء والصيادلة والنظام الصحي بأكمله.

الوفاة: في الحالات القصوى، يمكن أن تؤدي الأدوية المغشوشة إلى الوفاة، خاصة في الحالات التي تتطلب علاجًا فوريًا وفعالًا. منظمة الصحة العالمية تقدر أن عشرات الآلاف من الوفيات تحدث سنويًا بسبب الأدوية المزيفة، خاصة بين الأطفال.

كيف تعرف الدواء المغشوش من الأصلي؟ دليلك الشامل

على الرغم من صعوبة التمييز في بعض الأحيان، إلا أن هناك علامات وإجراءات يمكن للمواطن والصيدلي اتباعها:

مصدر الشراء

شراء الدواء من الصيدليات المعتمدة والمرخصة فقط: هذا هو الخط الدفاعي الأول. تجنب الشراء من الباعة المتجولين، الأسواق العشوائية، أو المواقع الإلكترونية غير الموثوقة التي لا تعرض معلوماتها كاملة (مثل العنوان ورقم الهاتف الأرضي).

الابتعاد عن العروض المغرية جدًا: إذا كان سعر الدواء أقل بكثير من سعره المعتاد، فاشتبه في أنه مغشوش. الأدوية الأصيلة لها تسعيرة محددة.

فحص العبوة والتغليف الخارجي

جودة التغليف: الأدوية الأصلية تأتي في عبوات ذات جودة عالية، مع طباعة واضحة وألوان ثابتة. العبوات المغشوشة غالبًا ما تكون ذات جودة رديئة، الألوان باهتة، الطباعة غير واضحة أو مشوشة، وقد تلاحظ أخطاء إملائية أو لغوية.

أحكام الغلق: تأكد من أن العبوة مغلقة بإحكام وغير مفتوحة مسبقاً. ابحث عن أي علامات عبث أو تلف في الختم أو غلاف الأمان.

العبوة الداخلية والخارجية: يجب أن تتطابق جميع المعلومات المطبوعة على العبوة الخارجية مع تلك الموجودة على العبوة الداخلية (مثل الشريط أو الزجاجة).

التفاصيل المحفورة والبارزة: في بعض الأدوية الأصلية، تكون بعض البيانات (مثل تاريخ الإنتاج والصلاحية ورقم التشغيلة) محفورة أو بارزة على العبوة أو على الأقراص نفسها، بينما في الأدوية المغشوشة قد تكون مطبوعة بشكل سطحي.

التحقق من المعلومات

رقم التشغيلة وتاريخ الصلاحية: يجب أن يكونا واضحين ومطبوعين بشكل متطابق على العبوة الخارجية والداخلية. الأدوية المغشوشة قد تحتوى على أرقام تشغيلة غير موجودة، أو تواريخ صلاحية غير واضحة/معدلة.

رقم التسجيل لدى هيئة الدواء: في العديد من الدول، يكون لكل دواء رقم تسجيل معتمد من هيئة الدواء المحلية. يمكن التحقق من هذا الرقم (إذا كانت الهيئة توفر خدمة استعلام).

تتبع الدواء (إذا توفر): بعض الدول والشركات تستخدم تقنيات تتبع متطورة (مثل رموز QR أو أرقام تسلسلية فريدة) يمكن للمستهلك مسحها ضوئيًا للتأكد من أصالة الدواء.

النشرة الداخلية: يجب أن تكون النشرة الداخلية مطبوعة بشكل جيد، واضحة، وبلغة صحيحة وخالية من الأخطاء الإملائية أو النحوية، ومطابقة للنشرة الأصلية للدواء.

فحص شكل الدواء نفسه (المنتج)

اللون والرائحة والقوام: الدواء الأصلي له لون ورائحة وقوام ثابتين. أي تغيير في هذه الخصائص (لون باهت، بقع، رائحة غريبة، تفتت الأقراص بسهولة، تغير في لزوجة السائل) يعد مؤشرًا قويا على أنه مغشوش.

الحجم والشكل والنقش: يجب أن تتطابق الأقراص أو الكبسولات في الحجم والشكل واللون والنقش مع الدواء الأصلي الذي تعرفه. قد تختلف الأدوية المزورة في هذه التفاصيل الدقيقة.

الذوبان: في الأدوية التي تُحل في الماء، يجب أن تذوب بشكل كامل وسريع كما هو متوقع من الدواء الأصلي.

الانتباه لأي آثار غير متوقعة

عدم استجابة الجسم للدواء: إذا لم يشعر المريض بأي تحسن بعد تناول الدواء، أو إذا ساءت حالته، يجب الشك في فعالية الدواء.

ظهور أعراض جانبية غير مألوفة أو شديدة: الأدوية المغشوشة قد تسبب آثاراً جانبية لم تذكر في النشرة أو تكون شديدة وغير متوقعة.

دور المواطن

اليقظة والمراجعة: كن يقظًا دائمًا عند شراء الأدوية وتحقق من جميع العلامات المذكورة أعلاه.

الاستشارة: في حال الشك بأي دواء، يجب استشارة الصيدلي أو الطبيب المختص فورًا.

الإبلاغ الفوري: عند التأكد أو الشك الشديد بوجود دواء مغشوش، يجب الإبلاغ عنه فورًا للجهات الصحية والرقابية المختصة.

الحفاظ على الوصفات الطبية: لا تشتري الأدوية التي تتطلب وصفة طبية إلا بوصفة من طبيب مختص، وتأكد من أن الموقع الإلكتروني (إذا كنت تشتري عبر الإنترنت) يطلب إبراز الوصفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى