د. إيمان بشير ابوكبدة
تخيلوا أن يصبح مسدس الغراء أداة جراحية لإصلاح العظام المكسورة! هذا ما يحاول تحقيقه فريق من الباحثين في كوريا الجنوبية، الذين طوروا جهازًا مبتكرًا يعتمد على فكرة هذا المسدس، لإحداث ثورة في طب العظام. بدلًا من الغرسات التقليدية، تتيح هذه التقنية الجديدة إصلاح الكسور بشكل فوري ودقيق في أثناء الجراحة.
تعتمد هذه الأداة على الطباعة ثلاثية الأبعاد المباشرة في غرفة العمليات. يستخدم الجراح “خيوطًا” خاصة تتكون من مادتين:
هيدروكسيباتيت (HA): مادة مشابهة للمكونات الطبيعية للعظام، تحفز نمو العظم وتسرّع عملية الشفاء.
بولي كابرولاكتون (PCL): بلاستيك حيوي ينصهر في درجات حرارة منخفضة، مما يُمكّن الجراح من تشكيله ليناسب شكل الكسر بدقة، حتى لو كان الكسر معقدًا وغير منتظم.
هذه الطريقة تسمح بملء الفراغات والشقوق في العظم المكسور بدقة متناهية، دون الحاجة لتحضير غرسة مسبقة، مما يوفر الوقت ويضمن ملاءمة مثالية.
مزايا إضافية: الوقاية من العدوى
لم يغفل الباحثون عن مشكلة العدوى بعد الجراحة. أضافوا مضادات حيوية قوية، مثل الفانكومايسين والجنتاميسين، إلى خيوط الغراء. هذه المضادات تُطلق تدريجيًا على مدى أسابيع، مما يساعد على:
منع نمو البكتيريا الشائعة مثل الإشريكية القولونية والمكورات العنقودية الذهبية.
تقليل الحاجة للمضادات الحيوية التي تؤخذ عن طريق الفم أو الوريد.
الحد من تطور المقاومة البكتيرية.
النتائج الأولية والخطوات المستقبلية
تم اختبار الجهاز على الأرانب التي تعاني من كسور في الفخذ، وأظهرت النتائج بعد 12 أسبوعًا أن العظام شفيت بشكل أسرع وأفضل مقارنة بالطرق التقليدية. كما أن الغرسة تتحلل بمرور الوقت، لتحل محلها أنسجة عظمية طبيعية جديدة.
يأمل الفريق البحثي في أن تتمكن هذه التقنية، بعد تطويرها وإجراء التجارب البشرية اللازمة، من إحداث نقلة نوعية في طب العظام الجراحي، وتوفير حل سريع وفعال لإصلاح الكسور مباشرة في غرفة العمليات.
