د.نادي شلقامي
في تحوّل درامي لم يشهده النشاط العالمي من قبل، ألقت قوات الاحتلال الإسرائيلي القبض على الناشطة السويدية الشابة غريتا تونبرغ مرتين، لا على خلفية تحدّي قمة مناخية، بل لجرأتها على تحدّي الحصار البحري القاتل المفروض على قطاع غزة.
لقد تحوّلت أيقونة إنقاذ الكوكب إلى رمز جديد لكسر الحصار، عندما انضمت إلى “أسطول الصمود العالمي”، لتجد نفسها في مواجهة مباشرة مع قوة عسكرية تمنع وصول شريان الحياة من المساعدات الإنسانية إلى المدنيين المتضررين. هذه الاعتقالات المتكررة لا تضع مصير تونبرغ تحت المجهر فحسب، بل تُسلّط ضوءاً كاشفاً وفاضحاً على القمع الذي يواجه كل من يجرؤ على المطالبة بوقف المجاعة في غزة.
غريتا تونبرغ، البالغة من العمر 22 عامًا، اشتهرت عالميًا منذ عام 2018 بحملتها المناهضة للتغير المناخي وإضرابها المدرسي الأسبوعي، الذي ألهم ملايين الشباب حول العالم للمطالبة بالتحرك الفوري لمواجهة أزمة المناخ. ومع مرور السنوات، توسع نشاطها ليشمل الدفاع عن حقوق الإنسان والقضايا الإنسانية العالمية.
في أكتوبر 2025، شاركت غريتا في أسطول الصمود العالمي، الذي ضم أكثر من خمسين سفينة محمّلة بالمساعدات الإنسانية. على متن الأسطول كان هناك نحو 500 ناشط من مختلف أنحاء العالم، ممن قرروا تحدي الحصار الإسرائيلي على غزة.
خلال رحلتها الأولى مع الأسطول في يونيو 2025، تم اعتراض سفينة “مادلين” على بعد حوالي 70 ميلًا بحريًا من غزة، حيث اقتحمتها القوات الإسرائيلية وأجبرت الناشطين على النزول. هذا الاعتراض أثار انتقادات واسعة على المستوى الدولي.
في 1 أكتوبر 2025، تعرضت سفينة “ألما” للاعتراض مرة أخرى من قبل البحرية الإسرائيلية أثناء محاولتها الوصول إلى غزة. أظهرت مقاطع الفيديو التي نشرتها وزارة الخارجية الإسرائيلية غريتا محاطة بالجنود الإسرائيليين.
أثارت هذه الاعتقالات موجة إدانات واسعة من منظمات حقوق الإنسان حول العالم، ودعت دول مثل تركيا والبرازيل وماليزيا وكولومبيا إلى الإفراج الفوري عن المعتقلين.
بعد ترحيلها إلى فرنسا، صرحت غريتا بأنها لن تتوقف عن الدفاع عن حقوق الإنسان، مؤكدة أن العالم بحاجة إلى المزيد من الشابات الغاضبات والشباب الواعيين الذين يرفضون الصمت أمام المظالم والانتهاكات.
تؤكد غريتا من خلال مشاركتها في أسطول الصمود أن النضال من أجل حقوق الإنسان لا يقل أهمية عن قضايا البيئة، وأن حماية الكوكب لا تكتمل إلا بالعدالة الإنسانية والمساواة.
