الشره العصبي: أخطر اضطراب غذائي في العالم

د. إيمان بشير ابوكبدة
يعرف الشره العصبي، المعروف عمومًا باسم “الشره المرضي”، بأنه نمط من الإفراط في تناول الطعام يتبعه سلوكيات تعويضية كالتقيؤ، أو الإفراط في ممارسة الرياضة، أو تناول الملينات لوقف زيادة الوزن. يُعدّ الشره المرضي اضطرابًا غذائيًا خطيرًا، وقد يكون مميتًا. يصيب هذا الاضطراب في الغالب الشابات، مع أنه قد يصيب الأشخاص من جميع الأجناس والأعمار، ويرتبط بعواقب جسدية ونفسية وخيمة.
أسباب الشره العصبي
أسباب الشره العصبي متعددة الجوانب، وتتضمن تفاعلًا معقدًا بين العوامل الوراثية والنفسية والبيئية والاجتماعية والثقافية. من الضروري فهم هذه العوامل لوضع خطط وقائية وعلاجية فعّالة.
العوامل الوراثية: تشير الأبحاث إلى أن الشره المرضي قد ينشأ أساسًا نتيجةً لعوامل وراثية. وهناك استعداد وراثي لدى من لديهم أقارب لديهم تاريخ من اضطرابات الأكل، لأنهم أكثر عرضة للإصابة. كما أشارت الدراسات إلى أن المرض قد يتفاقم بسبب دور بعض النواقل العصبية، مثل السيروتونين، في التحكم في المزاج والجوع.
العوامل النفسية: تعد العوامل النفسية أساسيةً في تطور الشره المرضي. يعاني العديد من المصابين به من حالات صحية نفسية كامنة، مثل الاكتئاب والقلق واضطراب الوسواس القهري . كما تدني احترام الذات، والسعي للكمال، وصورة الجسم السلبية من السمات النفسية الشائعة المرتبطة به. يلجأ العديد من المصابين به إلى الإفراط في تناول الطعام للتغلب على التوتر أو المشاعر غير المريحة، ثم يتبع ذلك التطهير للتخلص من الشعور بالذنب الناتج عن الإفراط في تناول الطعام. تعكس هذه الدورة العلاقة المعقدة بين الضيق العاطفي وآليات التكيف غير الصحية.
العوامل البيئية: تتأثر بداية الشره المرضي بشكل كبير بالعوامل البيئية، وخاصة بتفاعلات الأسرة والعلاقات الشخصية . وقد أظهرت الأبحاث أن تاريخًا من الصدمات النفسية ، مثل الاعتداء الجنسي أو الجسدي، غالبًا ما يرتبط بتطور اضطرابات الأكل. علاوة على ذلك، في البيئات العائلية التي تركز بشكل كبير على اتباع نظام غذائي صحي، أو تحسين صورة الجسم، أو التحكم في الوزن، قد يزداد خطر الإصابة بالشره المرضي. تُهيئ هذه البيئات غير الوظيفية بيئة خصبة لمواقف غير صحية تجاه الطعام وصورة الذات.
العوامل الاجتماعية والثقافية: لا يمكن إغفال تأثير العوامل الاجتماعية والثقافية في سياق الشره المرضي. في المجتمعات التي تعلي من شأن النحافة وتُعادلها بالنجاح والجاذبية، قد يشعر الأفراد، وخاصة النساء، بضغطٍ للامتثال لمعايير جسمانية غير واقعية. ويمكن أن تقاقم صور الجمال وثقافة النظام الغذائي والتوقعات المجتمعية في وسائل الإعلام مشاعر عدم الكفاءة، مما يؤدي إلى اضطرابات في سلوكيات الأكل.
أعراض الشره العصبي
نوبات الأكل بنهم: تناول كميات كبيرة من الطعام في فترة قصيرة من الوقت مع الشعور بفقدان السيطرة على الأكل.
سلوكيات تعويضية غير صحية.
القيء الذاتي.
إساءة استخدام الملينات أو مدرات البول أو الحقن الشرجية.
ممارسة الرياضة المفرطة.
استخدام أدوية أو مواد أخرى ممنوعة للسيطرة على الوزن.
الخوف الشديد من زيادة الوزن.
انشغال مفرط بشكل الجسم ووزنه.
تدني احترام الذات المرتبط بشكل الجسم ووزنه.
عادة ما يكون وزن الجسم ضمن المعدل الطبيعي، أو قد يكون أقل أو أعلى من الطبيعي.
قد تحدث أعراض جسدية مثل:
التهاب الحلق المزمن.
تورم الغدد اللعابية في الخدين.
تآكل مينا الأسنان بسبب حمض القيء.
ندبات أو تقرحات على مفاصل الأصابع (علامة راسل) نتيجة للقيء الذاتي.
اضطرابات في الجهاز الهضمي مثل الحموضة المعوية والإمساك.
عدم انتظام الدورة الشهرية أو انقطاعها.
جفاف الجلد.
ضعف عام وإرهاق.
تقلبات مزاجية.
الشعور بالذنب والعار والاكتئاب بعد نوبات الأكل بنهم والسلوكيات التعويضية.
الانسحاب الاجتماعي وتجنب الأكل أمام الآخرين.
إخفاء الطعام أو أدلة على الأكل بنهم والسلوكيات التعويضية.
العلاج
يهدف علاج الشره العصبي إلى كسر حلقة الأكل بنهم والسلوكيات التعويضية، ومعالجة المشكلات النفسية والعاطفية المرتبطة بالاضطراب، وتحقيق عادات أكل صحية. يشمل العلاج عادةً مزيجًا من:
العلاج النفسي (العلاج بالكلام): يعتبر العلاج السلوكي المعرفي (CBT) والعلاج بين الأشخاص (IPT) من أكثر أنواع العلاج النفسي فعالية للشره العصبي. يساعد العلاج النفسي الأفراد على تحديد وتغيير أنماط التفكير والسلوكيات غير الصحية المتعلقة بالطعام والوزن وصورة الجسم.
التثقيف الغذائي: يساعد أخصائي التغذية الأفراد على تطوير خطط وجبات صحية ومتوازنة، وفهم إشارات الجوع والشبع، والتغلب على المخاوف غير المنطقية المتعلقة بالطعام.
الأدوية: يمكن استخدام بعض مضادات الاكتئاب، مثل فلوكستين (بروزاك)، للمساعدة في تقليل أعراض الشره العصبي، وخاصة عندما يكون هناك اكتئاب أو قلق مصاحب. ومع ذلك، فإن الأدوية ليست عادةً العلاج الأساسي للشره العصبي.
العلاج الأسري: في بعض الحالات، خاصة بالنسبة للمراهقين والشباب، يكون العلاج الأسري مفيدًا في معالجة الديناميكيات الأسرية التي قد تساهم في الاضطراب.
قد تكون هناك حاجة للعلاج في المستشفى في الحالات الشديدة التي تتطلب مراقبة طبية أو نفسية مكثفة.