بقلم د.نادي شلقامي
من منا ومنذ الصغر قابل ويقابل يوميا شخصيات بدأت معه من الصغر .. شخصيات كلها مكفهرة..تراهن الٱخرين علي الحقد وتتنافس فيما بين بعضهم البعض علي من سيسبق الآخر في ضرر هذا الإنسان أو مرض هذا الحيوان أو غياب هذا الطفل أو فقدان هذه الآلة أو الميكنة من صاحبها ..أو رسوب هذا الطالب في إمتحانه أو فشل هذا الموظف في أداء عمله أو إنفصال هذه الزوجة الصالحة من زوجها المهذب المحترم…كل هذه الصور تجدونها في معترك الريف والمناطق الأقل تحضرا ومدنية لأن الكل مشغول بك وبأولادك وبأسرتك..لا مشغول بنفسه وأسرته وعمله وحاله..ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.
ويأتي وقت وفي أحد مراحل العمر يتساءل كل منا…متي سأرحل عن هذا المكان الذي لا يمكن أن يتغير أو أن تسقط أوراقه للابد..هل سأرحل إلي بلاد كلها عمل وإنشغال وكد وكل واحد منهمك في حاله وأسرته ويمكن أن لا يعرف اسم جاره أو حتي من أين هو..أم سأقبع بين هؤلاء البشر الذين عرفتهم وعرفوني ..شاركتهم وشاركوني أوحاعي وأفراحي وأحزاني وكانوا خير شاهد علي كل مراحل عمري المتعاقبة..هل سأستطيع أن أتأقلم مع وجوه لا أعرف خباياهم أو أحاسيسهم..أم أجلس هنا لعلي أتكيف مع هؤلاء البشر الذين عرفتهم بطيبتهم..عرفتهم…بحقدهم. عرفتهم…بفرحهم عرفتهم…بأحزانهم عرفتهم..وعرفتهم..إلي أين سأرحل ؟!
وتتعاقب السنون وتأتي الأقدار وتروح وما إن إنفكت طلاسم القرب من هؤلاء البشر وقررت البعد بجسدي فقط ولكن روحي متعلقة بحدائق العنب ومكان الساقية وخص عيدان الذرة وقعدة الشاي الريفي الجميل..وكلما تذكرت كل مناسبة سعيدة أو حزينة وتذكرت مجئ كل فرد حتي لو هو في كامل إنشغاله في حقل أو في بيت أو ما إلي ذالك… ولكن يأتي ليؤدي الواجب المحتم عليه والذي سيورثه لأبنائه وأحفاده من بعده..تذكرت هل سأرحل يوما عن هؤلاء البشر…هل أستطيع أن أفارق ضحكاتهم أو أوجاعهم أم سأغادر بجسدي فقط…وروحي لاتزال معهم وفي كل لحظة أبتسم لضحاكتهم وأتألم حزنا لأوجاعهم..
فهل عندما لاتتساقط…أوراق الخريف…سأرحل أم أظل هاهنا..؟!
