عبدالله القطاري من تونس
من منّا لا يعرف شيخ البيازرة الحاج محمود الزنايدي ذلك البياز الذي أفنى حياته في تعاطي هواية الصيد بطائر الساف ؟
وهو عنده أعزّ ما يملك ،لو طلب منه تعويضه بأغلى شيء لامتنع لأنه لديه أنفس كنز على وجه البسيطة .
ورغم أن شيخنا أصيل مدينة قليبية إلا انه لا يحلو له المقام إلا في جبل الهوارية “جبل الطير ” .
وليشبع رغبته في محيط الطيور الجارحة اشترى قطعة أرض قرب مغارة الخفافيش بتابوداء بها غابة كثيفة يمر بها وادي يربط البحر “الظهراوي” بالبحر “القبلاوي” وهي غابة تتخذها الطيور المهاجرة محطة للاستراحة والرّاحة منذ زمن بعيد تلك المحطة الاستراتيجية عند حلول موسم القبض على طيور الساف يشرع الحاج محمود الزنايدي بمعية ابنيه نجيب ونزيه اللذين يعشقان
فنّ البيزرة في نصب الشباك الثابتة أي “الغزول ” بين الأشجار الغابية فتقع الطيور في فخها وكلّ يوم يتفقدها لعلّه يعثر على ساف ينال إعجابه تتوفّر فيه صفات معيّنة ويقوم بترويضه وتدريبه على صيد السّمانى أو المشاركة في المهرجانات والمسابقات وكثيرا ما يسعفه الحظ بأن يحصل على الجائزة الأولى فتغمره الفرحة الكبرى فيقوم بحركات لا يقدر أحد على تقليدها. وبما أنه يعطي أهمية كبيرة لهواية البيزرة ولهذا الفن النبيل وهو لبق في علم الكلام وأنيق في لباسه التّقليدي كثيرا ما
ما تتّصل به وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية لتوثّق له مسيرته كبياز له باع في هذا الميدان وهو خير مرجع لقاموس البيزرة.
رحم الله الفقيد الحاج محمود الزنايدي الذي حافظ على هذا الموروث الذي بقي حيّا وسيتواصل مع الأجيال القادمة وبالخصوص مع عرش “الزنايدية “لأنّ موطنهم وموطن طائر الساف ملك مشترك بينهما وهي غابة تابوداء المشهورة في العالم بغار الخفافيش الذي يحوي الملايين من االثدييات والمعروف عند الباحثين أكبر ممرّ لهجرة الطيور بشتّى أنواعها وأحجامها.
