دولت فاروق
الكثير منا لا يعرف من هم أبناء السويس ورجالها البواسل وماذا فعلوا عند دخول العدوان إليها ومحاولته الاقتراب من أرضها ؟
هم رجال سطروا بأنفسهم ودمائهم التاريخ لتبقى سيرتهم مصدر عزةٍ وفخرا جيل بعد جيل ،فكانت المقاومة الشعبيةبقيادة الراحل العظيم الشيخ (حافظ سلامة )وكأنها إحدى معارك الصحابة والأبطال الخالدين ،لم يدافع الأبطال عن محافظتهم فقط بل دافعوا وانتصروا وحافظوا على كل محافظات مصر.
كان عدد سكان محافظة السويس حوالي 26000 إلا أن معظمهم هاجروا خلال حرب الاستنزاف ولم يبقى إلا عدد من الرجال في المدينة الذين كونوا ميليشيا منظمه سميت (سيناء العربية )تلك المنظمة التي أصبحت قوة الدفاع عن المدينة .
في 23 من أكتوبر قررت إسرائيل اقتحام المدينة ظنا منهم أنها ستكون مدينة ضعيفة الدفاعات، دخلوا المدينة دون وجود خطة للمعركة.
كان الاستيلاء على السويس غير ذا أهمية استراتيجية أو نفسية إلا قطع الإمدادات عن الجيش الثالث .
في 23 أكتوبر كان القائد (إبراهم ادان )قائد الفرقة الإسرائيلية لديه ثلاثه ألوية مدرعة ولواء مشاة مؤلف من خمسة أو ست كتائب وبحلول 24 اكتوبر كانت لوائين اسرائيليين على مشارف المدينة مع كتيبه واحده من المظليين بقياده (يوفي) جنوب غرب المدينه على خليج السويس الذي كان مركز العديد من الضباط والجنود المصريين حيث الاشتباكات مع القوات الإسرائيليةقد بدأت منذ 16 أكتوبر .
بلغ عدد القوات المصرية داخل السويس 5000 رجل لا يمتلكون سوى الأسلحة الصغيره والبنادق الهجومية
في الساعه 11:50 امتدت كتيبة (زاكين) القائد الإسرائيلى مسافة ميل داخل السويس وبدأت تتحرك بامتداد الطريق الرئيسي للقاهرة السويس كتيبة مكونة من ثلاث مجموعات والمجموعة تحتوي على ثماني دبابات كل دبابات يتبعها عربه مدرعة على طول الطريق كان قادة الدبابات والمدرعات الإسرائيلية يقفون في أبراج مركباتهم. وبدون أي مواجهه أو مقاومة وصلت الكتيبة لمفترق طرق في حي الأربعين
كان العميد أركان حرب
(يوسف عفيفي) قائد الفرقة 19 مشاه يتمركز بشرق القناة وقد أمد المدينة بدعم من الصواريخ المضادة للدروع ومجموعة صائد الدبابات. وبينما كانت الأسلحة في طريقها إلى السويس تم تدمير تسع دبابات للعدو الإسرائيلى واستنفذت بذلك معظم الأسلحة إلا عدد قليل من قاذفات ( أر بي جي 7 )صواريخ و(أر بي جي 43)
هنا بدا دور المقاومة الشعبية فقام (محمود عواد )عضو المقاومة بإطلاق قذيفتين ار بي جي على الدبابة الأمامية إلا أن الإصابات كانت طفيفة فجهزت المقاومة كمينا آخر بقيادة (إبراهيم سليمان) المتمركز في مخبأ بين سينما رويال وسينما مصر.
سمع إبراهيم دوي الإنفجارات فطلب من زميله ورفيقه( محمد سرحان) أن يعد له قذيفة ار بي جي من مسافه 12 متر أطلقها البطل فأصاب قرص الدبابة فانفجرت، ومال المدفع إلى الأرض ثم أطلق قذيفة أخرى على ناقلة الجنود المدرعة التي تحمل المظليين التي كانت خلف الدبابة الأولى فاشتعلت فيها النيران
عند هذه اللحظه بدأت جموع الجنود مع المدنيين تتحرك نحو هذا الموقع وبدأ الأبطال يطلقوا النيران من أسلحة خفيفة تلك الطلقات قتلت أكثر من 20 جندي إسرائيلي من أصل 24 من قادة الدبابات الإسرائيلية مما أحدث زعر بين الجنود الإسرائيلين فتركوا مواقعهم في دباباتهم واختبئوا في المباني أصيبت مجموعة استطلاع كتيبة إسرائيلية أخرى فغادرها الجنود وحاولوا دخول مباني مجاورة إلا انهم قُتلوا وحاول باقي أفراد الكتيبة الرجوع بدون نظام لكنهم تعرضوا لهجوم بالأسلحة الخفيفة وقنابل المولوتوف والقنابل اليدوية من أبطال المقاومة ،
بدأ المظليين في التراجع عبر الشارع وتعرضوا لإطلاق النار وأصيبت ناقلةجنود اسرائيلية بقذيفة ار بي جي أسفرت عن مقتل أربعة من رجال القائد الإسرائيلى(يوسي يوفي) وجُرح هو والباقين، فحاولوا الاختباء فلجأوا إلى قسم شرطة الأربعين للسيطرة عليه والاختباء بداخله و في معركة وجيزة جدا أصاب المظليون اثنين وأسروا ثمانية وبعد 10 دقائق تمت السيطرة على الطابق الثاني من قسم الشرطة.
حاولت القوات المدرعة المصرية عدة مرات اقتحام مبنى القسم لكنها فشلت، في حوالي الساعه 4:00 مساءا حاول (إبراهيم سليمان) وثلاثة آخرون اقتحام المبنى وعندما حاول إبراهيم تسلق أحد الأعمدة للدخول إلى المبنى شوهد وقُتل ثم لقي اثنان آخرون مصرعهما بينما كانوا يحاولون اقتحام المدخل ،بعد أن تعرض لنيران كثيفة من قوات المظليين من الطابق الثاني .
ثم صعد عدد من المصريين إلى سطح مبنى مجاور للقسم وقتلوا خمسة جنود إسرائيلين.واستمر تبادل إطلاق النار بين كلا الجانبين أفراد المقاومة والجنود الإسرائيلين عدة ساعات .
قرر( محمود عواد )أحد أفراد المقاومة القضاء على خمسة عشر دبابة وناقلات جنود مدرعة اصطفت على جانبي الشوارع المؤدية إلى الساحة فسكب عليها كميات كبيرةمن البنزين وأشعل فيها النيران
كانت هناك أربع دبابات للعدون، وحاولوا الهروب من خلف مسجد سيدي الأربعين، لكن الفرقة 19 مشاه نصبت كمين فاضطروا للرجوع، هنا أصيب عدد من أبطال المقاومة فتم نقلهم في ناقله جنود مدرعة كانت تمر بالشارع الرئيسي وتركت الضحايا في وحدة علاج محاولة العودة والانضمام الى الكتيبة، وفي طريق العوده أصيبت ناقلة الجنود المدرعة بواسطة ار بي جي أسفر ذلك عن مقتل رجل وإصابة مجموعة أخرى لكن السائق تمكن من الخروج من المدينة وفي حاولت ناقلة ثانية كانت تقل القتلى والجرحى وأثناء محاولتهم الخروج من المدينة أوقفها اطلاق ناري كثيف.
مع حلول الظلام أمر القائد الإسرائيلى(ادان) القوات المدرعة بالخروج من المدينة إلا أنه علم أن هناك مجموعة أخرى تلاقي مقاومة شرسة في شمال مدينة السويس في حين أنه لا يمكنه إلا استبدال كتيبة واحدة بالإضافة إلى الى كتيبة أخرى قادمه من شلوفةلتدعم المقاومة وعلم أن كتيبة (زاكين) بها 18 رجل قتلوا و 35 جرحى وثلاث دبابات معطلة فاعطى أوامره للمظليين بالخروج من المدينة سيرا على الأقدام طلب القائد الإسرائيلي (هزداي) من (كيرين) أن توجه الدبابات أنوراها نحو السماء لتشير الى موقع أقرب وحدة اسرائيليه ليقود قوته إليها وقد حاول (كيرين) اقناع القائد (اميت) بقيادة الرجال للخروج لكن( ايميت) فضل الانتظار حتى الصباح، إلا أنه في النهايةوافق على إرسال الرجال في مجموعات صغيرة فاعترض( كيرين) قائلا أنهم يجب أن يتحركوا كمجموعة واحدة ليكونوا قادرين على نقل الجرحى والدفاع عن أنفسهم إذا تعرضوا لهجوم آخر .
طلب القائد (هيسداي) من (ايميت )التحرك وتحدث مع كيرين وطلب منه القيام بمحاولة إنقاذ.
في الصباح اتصل( كيرين)( بادان) الذي اتصل (بجونين) وقال له أن محاولة الإنقاذ ستكون مكلفة للغاية فاتصل جونين ( بإميت) ثانيه وطلب منه الانسحاب سيرا على الاقدام وبعد أربع ساعات من الاتصالات اقنع( ايميت) (جنين) وحدد موقعه على صورةخريطة كبيرة للسويس وطلب منه أن يأخذ ورقة وقلما وأن يكتب له طريقا للخروج من السويس توقف ايميت فجأه وقال إن الطريق سيكون مليء بالقوات المصرية ولن يستطيع الخروج واقترح أن يخرجوا على شكل مجموعات كل مجموعة تحمل ثلاثة من المصابين وأن تكون المجموعات على مسافات متباعدة فيما بينها دون أن يغيبوا عن أعين بعضهم، إلا أنهم علموا أن القوات المصرية تملأ الشوارع فرجعوا مره أخرى ولم يستطيعوا الخروج .وفي الثانيه صباحا تلقى (ايميت) اتصالا أمره بالخروج والتنفيذ في خلال 10 دقائق . فجمعوا مصابيهم واعتمدوا على آخرين في تحركهم وتحت غطاء المدفعية حاولوا الخروج على أن يتقدمهم مجموعة لا تحمل إصابات واختاروا الذهاب شمالا عبر شارع واسع ومن ثم الاتجاه يسارا إلا كانوا يمشون وسط الركام والزجاج المكسور مما ابطأ حركتهم بعد ما يقرب من الساعتين وصلوا الى ترعة مياة في منطقه خارج السيطرة المصرية واتجهوا إلى جسر لم يكن مبين على الخريطة.،وقبل الفجر بقليل وصلت القوات إلى خارج المدينة . حاول الاسرائيليون العودة مرة أخرى يوم 25 من أكتوبر ومرة في 28 منه لكن تم صدهم .اتخذ مراقبي الأمم المتحده موقعهم غرب السويس وأشار رئيس الأركان المصري( سعد الدين شاذلي) الى أن يوم 27 أكتوبر رفض الاسرائيليون السماح لقوة الطوارئ التابعة للأمم المتحدة بالانتقال إلى السويس، كما اعترضوا على قافلة مصرية بها 109 شاحنة و 20 سيارة اسعاف أن تدخل إلى السويس وعندما دخل وقف اطلاق النار حيز التنفيذ في 24 أكتوبر طوقت قوتان تحت قيادة (ادان وماجن) الجيش الثالث .وتواجد الجيش الاسرائيلي على الضفه الشرقية لقناة السويس واحتل مسافة تقدر ب 1,600 ك.م داخل مصر جنوبا حتى الأدبية.
و في 28 أكتوبر وافقت إسرائيل على وقف إطلاق النار.
