نجده محمد رضا
في عالم الأدب البوليسي، يبقى اسم أجاثا كريستي علامة خالدة لا يبهت بريقها مع مرور الزمن. إنها الكاتبة التي جعلت من الجريمة فنًّا، ومن الغموض متعة فكرية، ومن القارئ شريكًا في البحث عن القاتل بين السطور.
وُلدت أجاثا ماري كلاريسا ميلر عام 1890 في مدينة توركاي البريطانية، ونشأت في بيئة محبة للقراءة والفنون. لم تدرس الأدب بشكل أكاديمي، لكن شغفها بالكتب والخيال جعلها تكتب أولى قصصها وهي في سن المراهقة. بعد زواجها الأول من الضابط “آرتشي كريستي”، حملت لقبها الذي ارتبط بها إلى الأبد: أجاثا كريستي.
من الصيدلية إلى عالم الجريمة
خلال الحرب العالمية الأولى، عملت أجاثا في صيدلية، وهناك تعرّفت على أنواع السموم وخصائصها، وهو ما انعكس بوضوح في رواياتها التي امتلأت بالجرائم المعقّدة والوفيات الغامضة. لم يكن السم عندها مجرد وسيلة قتل، بل مفتاحًا لذكاء الكاتبة التي استطاعت أن تمزج العلم بالخيال في حبكاتها المحكمة.
أعمالها التي غيرت تاريخ الأدب
قدّمت أجاثا كريستي للعالم أكثر من 80 رواية ومجموعة قصصية تُرجمت إلى ما يزيد عن 100 لغة، لتصبح أكثر الكُتّاب مبيعًا في التاريخ بعد شكسبير والكتاب المقدّس.
ومن أشهر أعمالها
جريمة في قطار الشرق السريع
ثم لم يبقَ أحد
مقتل روجر أكرويد
موت على النيل
الخمسة الصغار الخنازير
شخصياتها مثل المحقق هرقل بوارو والآنسة ماربل أصبحت رموزًا عالمية للذكاء والتحليل، وجسّدتها السينما والمسرح والتلفزيون لعقود طويلة.
اختفاء غامض
من ألغاز حياتهافي عام 1926، اختفت أجاثا كريستي لمدة 11 يومًا في واقعة حيرت الشرطة والرأي العام البريطاني.
عُثر عليها لاحقًا في أحد الفنادق وقد فقدت الذاكرة، لتصبح تلك الحادثة نفسها واحدة من أعقد الألغاز في تاريخ الأدب، وكأن كريستي عاشت مشهدًا من رواياتها الواقعية!
إرث لا يُمحى
توفيت أجاثا كريستي عام 1976 عن عمر ناهز 85 عامًا، لكنها تركت وراءها إرثًا أدبيًا لا يزول. تُعرض أعمالها حتى اليوم على خشبات المسرح، وتُعاد طباعتها بانتظام، لتثبت أن الغموض لا يموت، وأن العقل البشري ما زال مفتونًا بالبحث عن الحقيقة.
لقد علّمت العالم أن أعظم الجرائم ليست دائمًا تلك التي تُرتكب بالسلاح، بل التي تُصاغ بالكلمة
أجاثا كريستي لم تكن مجرد كاتبة روايات بوليسية، بل كانت عبقرية في رسم العقول، وسيدة سيطرت على عوالم الخداع والذكاء والدهاء
رحلت، لكن كل صفحة من صفحاتها ما زالت تنبض بالحياة، وكل جريمة كتبتها ما زالت تدعو القراء إلى جلسة تحقيق لا تنتهي.
