كتبت: د. إيمان بشير ابوكبدة
البقع الزرقاء أو ما يُعرف طبيًا باسم الكدمات، هي ظاهرة جلدية شائعة يمر بها الجميع تقريبًا. قد تكون نتيجة طبيعية لاصطدام بسيط نسيناه، أو قد تظهر فجأة ودون سبب واضح، لتثير لدينا القلق والتساؤلات. تتكون هذه العلامات عندما تتمزق الأوعية الدموية الدقيقة تحت الجلد، مما يسمح للدم بالتسرب والتجمع في الأنسجة المحيطة، فيتغير لون الجلد مؤقتًا.
في كثير من الأحيان، لا تدعو الكدمات للقلق وتختفي من تلقاء نفسها، لكن سهولة ظهورها أو تكرارها بشكل غير مبرر قد يكون مؤشراً خفياً على عوامل داخلية تتعلق بصحة الأوعية الدموية أو قدرة الدم على التجلط، أو حتى نتيجة لتناول بعض الأدوية.
يمكن أن يكون ظهور البقع الزرقاء على الجسم (الكدمات) ناتجًا عن عدة أسباب، تتراوح بين الأسباب الشائعة غير المقلقة إلى الحالات الصحية التي قد تستدعي استشارة طبية.
الأسباب الشائعة والمباشرة
الإصابات أو الصدمات (الكدمات): السبب الأكثر شيوعًا، حيث يحدث نزيف أو تسرب للدم من الأوعية الدموية الصغيرة تحت الجلد نتيجة لضربة أو سقطة أو اصطدام، مما يسبب تغير اللون إلى الأزرق أو الأرجواني.
التقدم في العمر: يصبح الجلد أرق والأوعية الدموية أكثر ضعفًا وهشاشة مع التقدم في السن، مما يجعل كبار السن أكثر عرضة لظهور الكدمات بسهولة حتى مع إصابات طفيفة.
ترقق الجلد: يؤدي نقص الكولاجين والدهون تحت الجلد إلى ظهور الكدمات بسهولة أكبر.
أسباب متعلقة بالصحة والأدوية
الأدوية: بعض الأدوية يمكن أن تزيد من سيولة الدم أو تؤثر على تخثره، مثل:
مضادات التخثر (مثل الوارفارين).
بعض مضادات الالتهاب غير الستيرويدية مثل الأسبرين والأيبوبروفين.
الكورتيكوستيرويدات.
بعض المكملات الغذائية (مثل زيت السمك، الجنكو بيلوبا).
نقص الفيتامينات أو سوء التغذية
نقص بعض الفيتامينات الضرورية لتخثر الدم وصحة الأوعية الدموية، مثل:
فيتامين ج (نقص حاد قد يسبب الإسقربوط).
فيتامين ك.
فيتامين ب12 أو حمض الفوليك.
اضطرابات التخثر أو الصفائح الدموية
مشاكل تؤثر على قدرة الدم على التجلط أو انخفاض عدد الصفائح الدموية، مثل:
قلة الصفيحات.
بعض أمراض النزيف الوراثية (مثل مرض فون ويلبراند).
أمراض مزمنة أو حالات صحية أخرى:
بعض الحالات قد تسبب ظهور الكدمات، ومنها:
أمراض الكبد (مثل تليف الكبد).
التهابات الأوعية الدموية.
بعض أنواع السرطان (مثل سرطان الدم أو الورم النقوي المتعدد).
الأمراض الالتهابية المزمنة (مثل الذئبة).
متلازمة غاردنر دياموند في بعض الحالات.
متى يجب استشارة الطبيب؟
على الرغم من أن معظم البقع الزرقاء تكون مجرد كدمات بسيطة، فإنه يُنصح بمراجعة الطبيب في الحالات التالية:
ظهور كدمات كبيرة أو مؤلمة دون سبب واضح.
تكرار ظهور الكدمات بسهولة أو بشكل مفاجئ.
مصاحبة الكدمات لنزيف متكرر في اللثة أو الأنف.
مصاحبة الكدمات لأعراض أخرى مثل الحمى، ضعف العضلات، أو الإغماء.
إذا كنت تتناول أدوية مميعة للدم ولاحظت زيادة في الكدمات.
الوقاية من الكدمات الناتجة عن الإصابات
الوقاية الأساسية تتركز حول تجنب الصدمات والإصابات، خاصة مع التقدم في العمر:
كن حذراً في الحركة: انتبه جيداً لمحيطك لتجنب الاصطدام بالأثاث أو السقوط.
تجنب العوائق في المنزل: تأكد من أن الممرات خالية من الأسلاك أو السجاد غير المثبت الذي قد يسبب التعثر.
ارتداء ملابس واقية: عند ممارسة الرياضات التي تنطوي على احتكاك أو مخاطر سقوط، استخدم معدات الحماية المناسبة.
تحسين إضاءة المنزل: الإضاءة الجيدة تقلل من فرص التعثر والاصطدام، خاصة في الليل.
الوقاية المتعلقة بالصحة والنظام الغذائي
يساعد الحفاظ على صحة جيدة للأوعية الدموية وقدرة الدم على التجلط بشكل طبيعي في تقليل ظهور الكدمات:
النظام الغذائي الصحي
تناول ما يكفي من فيتامين سي: هذا الفيتامين ضروري لتكوين الكولاجين الذي يدعم جدران الأوعية الدموية. يوجد في الحمضيات، الفلفل الحلو، الفراولة، والبروكلي.
الحصول على فيتامين ك: يلعب دوراً حاسماً في عملية تخثر الدم. يوجد بوفرة في الخضروات الورقية الخضراء مثل السبانخ واللفت والبروكلي.
فيتامين ب12 وحمض الفوليك: مهمان لإنتاج خلايا الدم السليمة.
مراجعة الأدوية والمكملات
إذا كنت تتناول أدوية تزيد من سيولة الدم (مثل الأسبرين أو مضادات التخثر)، فمن الضروري الالتزام بتعليمات الطبيب ومناقشته حول أي زيادة مفاجئة في ظهور الكدمات.
تقوية الجلد والأوعية
ترطيب الجلد: الجلد المرطب يكون أكثر مرونة وأقل عرضة للتمزق.
حماية البشرة من الشمس: التعرض المفرط للشمس يضعف الأوعية الدموية تحت الجلد بمرور الوقت ويساهم في ترقق الجلد (البُرْفُرِيَّة الشيخوخية).
الوقاية في حال ظهور الكدمة
عندما تحدث الكدمة، يمكن اتخاذ إجراءات فورية لتقليل حجمها وتغير لونها:
استخدام الثلج: فور الإصابة، طبق كمادة باردة أو كيس ثلج (ملفوف بمنشفة) على المنطقة المصابة لمدة 15 إلى 20 دقيقة. هذا يقلل من تدفق الدم ويحد من حجم الكدمة والتورم.
الراحة: إراحة المنطقة المصابة.
الضغط: لف المنطقة برباط ضاغط خفيف (إذا لم يسبب ألماً) للمساعدة في تقليل التورم.
الرفع: رفع الجزء المصاب فوق مستوى القلب إن أمكن، للمساعدة في تصريف السوائل.
