كتبت/نجده محمد رضا
في عالمٍ مليءٍ بالصور والأشكال والظلال، يعيش الإنسان تجربةً نفسيةً مدهشة تُعرف باسم الباريدوليا (Pareidolia)
وهي ظاهرة تجعل العقل البشري يرى أنماطاً مألوفة خاصة الوجوه في أشياء لا تمتّ إليها بصلة مثل الغيوم أو الصخور أو جدران المنازل أو حتى في بقع القهوة.
يصف العلماء هذه الظاهرة بأنها ميل طبيعي في الدماغ البشري للبحث عن المعنى في العشوائية، فهي آلية دفاعية قديمة ساعدت الإنسان الأول على النجاة، إذ كان عليه أن يميّز بسرعة بين الوجوه أو التهديدات في بيئته القاسية. ومع تطور الإنسان، بقيت هذه الخاصية الفطرية تعمل داخل عقولنا، لكنها اليوم تظهر في مواقف طريفة أو غريبة.
ومن أشهر أمثلة الباريدوليا ما يرويه الناس عن رؤية وجه إنسان في القمر، أو ملامح حيوان في السحاب، أو حتى وجه مقدّس على قطعة خبز محمّص وتُعدّ هذه التجارب مثيرة للدهشة لأنها تبيّن مدى قوة الخيال الإنساني وتأثير العاطفة في الإدراك.
هذه الظاهرة مرتبطة بآلية التعرف على الوجوه في الدماغ، والتي تطورت لمساعدة البشر على تحديد الوجوه والتهديدات المحتملة بسرعة أن الباريدوليا ليست خللاً عقلياً بل دليل على نشاط المخ الإبداعي
وقد ربط بعض الباحثين بينها وبين الحس الفني العالي، إذ إن الفنانين والمبدعين غالباً ما يمتلكون قدرة أكبر على ملاحظة الأنماط الغامضة وتحويلها إلى صور ذات معنى.
أما في عصر التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، فقد أصبحت ظاهرة الباريدوليا أكثر انتشاراً بسبب كثافة الصور الرقمية، حيث يرى البعض وجوهاً أو أشكالاً غريبة في صور الكواكب، أو على الجدران، أو حتى داخل صور الأقمار الصناعية.
وهكذا، تبقى الباريدوليا واحدة من أغرب ظواهر الإدراك البشري، تذكّرنا بأن العقل لا يرى الأشياء كما هي، بل كما يتوقّع أن تكون، وأن وراء كل نظرةٍ عابرة قد يختبئ عالمٌ واسع من الخيال والمعنى.
تُظهر الصورة جذع شجرة يبدو وكأنه وجه. تُعرف هذه الظاهرة النفسية باسم “الباريدوليا”، وهي ميل العقل البشري لإدراك أنماط مألوفة، مثل الوجوه، في محفزات عشوائية أو غامضة.
تُعد الباريدوليا جزءًا طبيعيًا من الإدراك البشري وليست اضطرابًا عقليًا.
يمكن أن تحدث الباريدوليا في أي مكان، مثل رؤية أشكال في السحب أو وجوه في أغصان الأشجار.
