بقلم ا.د روحيه الشريف
بروفيسور الروماتيزم والمناعة بكليه الطب جامعة المنيا
وإستشاري الأمراض الروماتيزمية والمناعية بمستشفي سلامات بالمملكه العربيه السعودية
هشاشة العظام: اللص الصمت الذي يهدد الهيكل العظمي!
تخيل أن هيكلك العظمي، الذي يمنحك القوة والدعم طوال حياتك، يتحول ببطء وهدوء إلى شبكة هشة من العظام المسامية. هذا هو باختصار ما يحدث في حالة هشاشة العظام ، أو ما يُعرف بـ “تخلخل العظام”. إنه مرض “صامت” في بداياته، حيث تتضاءل كثافة العظام تدريجياً وتفقد قوتها وصلابتها، فتصبح عرضة للكسور بسهولة بالغة حتى من أبسط السقطات أو الإجهادات. إنه التهديد الخفي الذي يجعل العظمة أشبه بالإسفنجة الرقيقة بدلاً من الصخرة المتينة.
“أسباب وعوامل خطر الهشاشة”
تتعدد العوامل التي تساهم في فقدان العظام وزيادة خطر الإصابة، ومن أبرزها:
1- التقدم في العمر: كلما تقدم الإنسان في العمر، تزداد احتمالية فقدان الكتلة العظمية.
2- الجنس والهرمونات: النساء أكثر عرضة للإصابة، خاصة بعد انقطاع الطمث بسبب الانخفاض الحاد في هرمون الإستروجين.
3- نقص الكالسيوم وفيتامين د: النظام الغذائي الفقير بهذين العنصرين الأساسيين هو عامل رئيسي على المدى الطويل.
4- نمط الحياة غير الصحي:
قلة النشاط البدني وممارسة الرياضة (خاصة تمارين تحمل الوزن).
5- التدخين والإفراط في تناول الكحول.
6- التاريخ العائلي: وجود إصابات بهشاشة العظام أو كسور في عائلة الشخص.
7- بعض الحالات الطبية والأدوية: مثل فرط نشاط الغدة الدرقية، وبعض أدوية الكورتيزون.
“الأعراض”
“المرض الصامت”
تكمن خطورة هشاشة العظام في أنها غالبًا لا تسبب أي أعراض واضحة في المراحل المبكرة، ولهذا يُطلق عليها “اللص الصامت”. قد لا يكتشف الشخص إصابته إلا عند حدوث الكسر الأول، وغالباً ما تشمل الأعراض عند ظهورها ما يلي:
1- آلام في الظهر: نتيجة لكسر أو انهيار الفقرات (كسور انضغاطية).
2- فقدان تدريجي في الطول: بسبب سحق وتقصير العمود الفقري.
3- انحناء العمود الفقري: ظهور حدبة (تقوس) في الظهر.
4- كسور العظام بسهولة: كسور تحدث نتيجة سقطة بسيطة أو حتى مجرد إجهاد خفيف، وغالباً ما تكون في الرسغ، أو الورك، أو العمود الفقري.
“كيفية الوقاية والعلاج”
1. الوقاية :-
الوقاية هي خط الدفاع الأول، وتعتمد على بناء عظام قوية والحفاظ على كثافتها:
أ- تغذية سليمة:
الحرص على تناول كميات كافية من الكالسيوم (منتجات الألبان، الخضروات الورقية).
ب- الحصول على فيتامين د (التعرض للشمس، الأسماك، والمكملات بوصف الطبيب).
ج- النشاط البدني المنتظم: ممارسة تمارين تحمل الوزن مثل المشي، صعود السلالم، وتدريب الأثقال، لتقوية العظام والعضلات.
د- تجنب السلوكيات الضارة: الإقلاع عن التدخين والحد من استهلاك الكحول والكافيين والصودا المفرط.
ه- الحذر من السقوط: اتخاذ الاحتياطات اللازمة لتجنب التعثر والسقوط، خاصة لكبار السن.
2- “العلاج”
عند تشخيص الهشاشة، يهدف العلاج إلى إبطاء فقدان العظام وتقليل خطر الكسور:
أ- العلاج الدوائي:
الفوسفونات الثنائية (Bisphosphonates): وهي الخيار الأول غالباً.
حقن دينوسوماب (Denosumab): تُعطى تحت الجلد كل 6 أشهر.
ب- العلاج الهرموني: قد يُستخدم لبعض النساء بعد انقطاع الطمث تحت إشراف طبي دقيق.
ج- المكملات الغذائية: الاستمرار في تناول مكملات الكالسيوم وفيتامين د حسب إرشادات الطبيب.
د- العلاج الطبيعي: قد يساعد في تقوية العضلات وتحسين التوازن لتجنب السقوط.
على الرغم من أن هشاشة العظام قد تبدو تهديداً، إلا أن المستقبل مشرق بالأمل. إن الفهم المبكر للمرض، واتخاذ خطوات وقائية استباقية مثل التغذية السليمة والرياضة، والحصول على التشخيص والعلاج المناسبين مبكرا، كلها عوامل تُساهم في السيطرة على المرض وتقليل خطر الكسور بشكل كبير.
