بقلم: إيمان دويدار
في زحام الحياة وصخب الأيام، هناك مكان لا يُرى بالعين، لكنه يُحسّ في أعماق الروح. راحة نفسية لا تشبه النعاس أو الخمول، بل هي هدوء ينبع من الداخل، كنسمة رقيقة تهب في صحراء الألم.
هذا المكان، قد يكون شخصًا واحدًا، وجهًا يختصر كل ضجيج العالم. حين تُسقط أمامه أقنعتك الثقيلة، وتبوح بلا خوف، تشعر بأنك أخيرًا أُذنٌ صادقة وقلبٌ يحتضن بلا شروط. الراحة النفسية معه ليست غياب الألم، بل حضور الأمان.
حين تتحدث إليه، تذوب الأحزان كما يذوب الثلج تحت شمس الربيع. تبتسم بدون مبرر، تبكي بلا خجل، وتنام مطمئنًا كأن العالم قد هدأ برقة يديه. هو ليس فقط ملجأ، بل وطن صغير يأويك مهما جفت طرقات الغربة.
الراحة النفسية ليست هدية تُنتزع بسهولة، إنها علاقة رقيقة تُبنى يومًا بيوم. ثقة تنسج خيوطها بين القلب والآخر، صدق يُنير زوايا النفس المظلمة، واحتواء يتجاوز الكلمات.
في حضوره، لا تحتاج لأن تكون مثاليًا، ولا أن تخفي ضعفك. هو الذي يرى وراء الأقنعة، ويحتضن كل الجراح، ويخبرك بأنك كامل كما أنت، بلا تزويق ولا تمثيل.
الراحة النفسية معه، هي قصة حب صامتة تُروى بدون حروف، هي السكون الذي يأتي بعد عاصفة، هو حضور يُشبه العطر الخفيف في صباح مشمس، يحيي الروح ويجعلها تُغني.
وفي النهاية، قد نبحث كثيرًا عن هذا الشعور في أماكن بعيدة، بينما هو هناك… في ابتسامة صادقة، في يد تُمسك يدك برقة، وفي قلب لا يعرف الخيانة.
هي الراحة… حيث يكون الإنسان نفسه، بلا خوف، بلا حواجز، فقط حبّ صادق يزهر في داخله كأجمل الربيع.
