د.نادي شلقامي
رسخت دولة الإمارات خلال عام 2025 موقعها كلاعب محوري في مجال علوم الفضاء والتكنولوجيا المتقدمة، بعد أن حققت سلسلة من الإنجازات النوعية التي عززت حضورها الإقليمي والدولي، وجسدت رؤيتها الاستراتيجية لبناء اقتصاد معرفي قائم على الابتكار واستكشاف الفضاء.
واستهلت الإمارات العام بإطلاق ستة أقمار اصطناعية متنوعة، شملت «الثريا 4»، و«محمد بن زايد سات»، و«العين سات–1»، و«HCT-SAT 1»، إلى جانب المرحلة الثانية من كوكبة «فورسايت»، وصولاً إلى إطلاق «اتحاد سات» في مارس، كأول قمر راداري وطني ضمن منظومة متكاملة لتقنيات الرصد المتقدم. كما أطلقت الدولة في نوفمبر القمر الاصطناعي «فاي 1»، أول منصة معيارية ضمن مبادرة استضافة حمولة الأقمار الاصطناعية بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي.
وأظهرت الصور الأولى التي التقطتها أقمار «محمد بن زايد سات» و«اتحاد سات» قدرات متقدمة في التصوير البصري والراداري، بما يدعم تطبيقات مدنية وبيئية وبحرية ومشروعات الاستدامة والبنية التحتية.
وعلى صعيد التعاون الدولي، وقّع مركز محمد بن راشد للفضاء اتفاقية استراتيجية مع شركة «تاليس ألينيا سبيس» لتطوير «وحدة معادلة الضغط» ضمن محطة الفضاء القمرية، على أن تتولى الإمارات تشغيلها لمدة تصل إلى 15 عاماً، ما يمنحها مقعداً دائماً في المحطة ويفتح المجال لإسهامات علمية موسعة، ويضعها ضمن أوائل الدول التي تشارك في إرسال رواد فضاء إلى القمر.
كما أبرم المركز اتفاقية مع شركة «فايرفلاي أيروسبيس» لنقل «المستكشف راشد 2» إلى الجانب البعيد من القمر عبر مركبة الهبوط «بلو غوست»، في مهمة دولية تشارك فيها وكالات فضاء عالمية، من بينها «ناسا» ووكالة الفضاء الأوروبية. وأنهى المركز خلال عام 2025 تطوير المستكشف واجتيازه اختبارات بيئية وميكانيكية متقدمة، مع استكمال اختبارات تكامل الأنظمة تمهيداً لمهمة الإطلاق المقررة في 2026.
وفي خطوة صناعية لافتة، أعلنت شركة «سبيس 42» تصنيع ودمج واختبار ثلاثة أقمار رادارية من طراز «فورسايت» داخل الدولة للمرة الأولى، ما عزز قدرات الإمارات في مجال الصور الرادارية عالية الدقة ودعم مجالات الأمن الوطني والاستجابة للكوارث والتخطيط الحضري.
وشهد ديسمبر الجاري إطلاق القمر الاصطناعي العربي «813»، إيذاناً بمرحلة جديدة من العمل العربي المشترك في قطاع الفضاء، ضمن رؤية تقودها الإمارات لتسخير التقنيات الفضائية في خدمة التنمية المستدامة ودعم صناع القرار.
وفي إطار بناء الكفاءات الوطنية، أطلقت أكاديمية الفضاء الوطنية برامج تدريبية متخصصة في تصميم المهمات الفضائية وهندسة الأقمار الاصطناعية، بالتعاون مع شركاء وطنيين، لإعداد جيل جديد من مهندسي الفضاء.
وفي الوقت ذاته، واصلت الإمارات تطوير مشروعها الطموح لاستكشاف حزام الكويكبات، بعد استكمال مرحلة التصميم النهائي لمركبة الهبوط المخصصة لدراسة سبعة كويكبات في مهمة هي الأولى من نوعها عالمياً، بالتوازي مع استمرار «مسبار الأمل» في تزويد المجتمع العلمي ببيانات غير مسبوقة عن الغلاف الجوي للمريخ.
وبهذه الإنجازات، تؤكد دولة الإمارات التزامها بمواصلة مسيرتها الفضائية الطموحة، وتعزيز مكانتها مركزاً عالمياً للتقنيات المتقدمة وصناعة المستقبل.
