“لو كانت قضايا المسلمين تُحل بالدعاء ما خاض رسول الله حربًا، انصروا إخوانكم في غزة”

بقلم د/ حمدان محمد
في ظل ما يتعرض له إخواننا في غزة من عدوانٍ غاشم، يتجدد الحديث عن دور المسلمين في نصرة قضاياهم، ويتكرر التساؤل: هل يكفي الدعاء وحده لتحقيق النصر ورفع الظلم؟
لقد كان رسول الله ﷺ أكثر الناس دعاءً وتضرعًا إلى الله، لكنه في الوقت نفسه، كان القائد الذي خطط، وحارب، وأعد العدة، واتخذ بالأسباب. فلو كان الدعاء وحده يكفي، لما خاض غزوات بدر وأحد والأحزاب وفتح مكة، ولما أعد الجيوش وراسل الملوك، لكنه ﷺ علّمنا أن الإيمان الحقّ يقتضي العمل إلى جانب الدعاء، وأن اتخاذ الأسباب لا ينافي التوكل.
وإن الدعاء سلاحٌ عظيم، لكنه لا يغني عن الجهاد بالمال والنفس والكلمة والموقف السياسي والدبلوماسي. فالله تعالى أمرنا بقوله: “وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ” [الأنفال: 60]، ولم يقل: “ادعوا عليهم فقط”. فالدعاء وحده دون سعيٍ وأخذٍ بالأسباب، هو تعطيلٌ لسنة الله في الكون، التي تقتضي أن للنصر شروطًا، منها الإعداد والعمل والتضحية.
ما واجبنا تجاه غزة؟
1. الدعم المادي والمعنوي: فالمال عصب المعركة، والمجاهدون يحتاجون إلى السلاح والدواء والطعام، وهذا أقل ما يمكن تقديمه.
2. الوعي والإعلام: يجب كشف جرائم الاحتلال أمام العالم، ودحض الروايات المزيفة، وتقديم الدعم الإعلامي والسياسي للقضية الفلسطينية.
3. المقاطعة الاقتصادية: فمن يدعم الاحتلال بماله، كمن يوجه الرصاص إلى صدر إخوانه.
4. الدعاء الصادق: مع اتخاذ كل هذه الأسباب، يبقى الدعاء سندًا للمجاهدين، ووسيلةً لجلب النصر من الله.
و لنستوعب الدرس من سيرة النبي ﷺ، فالنصر لا يأتي بالأمنيات، بل بالعمل والتخطيط والتضحية، فكما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “لا يقعدنّ أحدكم عن طلب الرزق ويقول اللهم ارزقني، وقد علم أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة.” فكيف بمن يطلب تحرير الأوطان بالدعاء فقط، دون بذلٍ وتضحية؟
فغزة لا تنتظر الدعاء وحده، بل تنتظر نصرةً حقيقية، نصرةً فعلية، نصرةً كما نصَر النبي أصحابه يوم بدر، لا بالكلام فقط، بل بالفعل والإقدام.