قيمة الإنسان بين الأخلاق والمبادئ ونوع اهتماماته

نور محمد
الحياة رحلة طويلة يتنقل فيها الإنسان بين مراحل مختلفة، وكل مرحلة تساهم في تشكيل شخصيته وطموحاته. ومع تسارع الأحداث وتزايد التحديات، يصبح السؤال الأهم: ما الذي يحدد مكانتك في هذا العالم؟ هل هو المال، الشهرة، أم القدرة على جمع المناصب والجوائز؟ الإجابة ليست بهذه البساطة. فبينما يبحث البعض عن التميز عبر أساليب سطحية، يكمن النجاح الحقيقي في المبادئ والأخلاق التي يتبناها الإنسان.
لن تعلو وتتميز إلا بأخلاقك، فالشخص الذي يبني قيمه على أساس من الرحمة، العدل، والحلم، يظل قادرًا على التأثير بشكل إيجابي في محيطه. الأخلاق هي الجسر الذي يعبر عليه الإنسان ليصل إلى قلوب الآخرين دون الحاجة إلى توجيه الأنظار إلى ذاته. فعندما يتمسك الإنسان بمبادئه، يجد نفسه في رحلة مستمرة نحو النماء، ليس فقط على المستوى الشخصي، بل وعلى المستوى المجتمعي أيضًا. فما يميز الشخص الكبير ليس قوة شخصيته أو قدرته على التحكم في الآخرين، بل قدرته على تحسين حياة الناس من خلال أفكاره وأفعاله.
أما عن الإنسان الذي يسعى لتحقيق قيمة حقيقية في هذا العالم، فإن أول ما يهتم به هو إنسانيته. فكلما كان أكثر رحمة مع من حوله، وأكثر حلمًا في تعامله مع الصعاب، كلما أصبح أكثر تأثيرًا في الحياة. الرحمة تفتح الأبواب المغلقة، بينما الحلم يمكنه أن يحوّل الصعاب إلى فرص. ولذلك، لا ينبغي أن ننسى أبدًا أن قيمة الإنسان ليست بما يملك، بل بما يعطي. فالخير الذي تقدمه للناس يبقى أثره طويلًا بعد أن تنتهي حياتك، بينما تظل القيل والقال سرابًا يضيع بين الألسنة ولا يترك وراءه أي بصمة.
من الجدير بالذكر أن الكبار، الذين يفكرون في تطوير الأفكار لتحسين جودة حياة الناس، يعيشون من أجل غاية أكبر من أنفسهم. هم الذين يشغلهم التفكير في التغيير الإيجابي، وفي بناء مجتمع أفضل، في حين أن الصغار، والذين يقتصر أفقهم على الحديث عن أخبار الناس والقيل والقال، لا يدركون حقيقة أن الحياة قصيرة جدًا من أجل تضييعها في التراشق بالكلمات غير المفيدة.
إن الحياة ليست ساحة حرب يتنافس فيها الناس على الظهور والتفوق على بعضهم البعض، بل هي فرصة للتعلم والنمو. الكبار يعتقدون أن النجاح يكمن في العمل الجاد وتحقيق الأهداف التي تساهم في تحسين حياة الآخرين، بينما يقتصر اهتمام الصغار على أمور لا تقدم لهم إلا راحة لحظية، دون أي فائدة حقيقية.
في النهاية، يبقى التميز والنجاح الحقيقيين في الأخلاق، المبادئ، وخدمة الآخرين. تلك القيم التي تعمل كدليل لنا في مسار حياتنا، وتشكل الفارق بين من يعيش لمصلحته الشخصية ومن يعيش من أجل الآخرين. لذا، لا تدع القيل والقال يشتت تركيزك، ولا تجعل طموحاتك تقاس بالأشياء الزائلة. بل اجعل مبادئك هي مرشدك في رحلتك نحو التميز.