والله يعلم وأنتم لا تعلمون

بقلم/ د.مصطفى عبدالله
في لحظة ما، تجلس وحدك، تتأمل جدران الصمت من حولك، تسمع ضجيج أفكارك وهي تعصف بك، تسأل نفسك أسئلة لا تجد لها جوابا:
لماذا يحدث لي هذا؟ لماذا تأخرت أحلامي؟ لماذا اختفى من حسبتهم أقرب الناس إلي؟ لماذا يبدو الطريق صعبا، والعقبات تزداد كلما اقتربت من حلمي؟
تمر أمام عينيك مشاهد الفقد، ومواقف الخذلان، وأبواب أُغلقت في وجهك دون سابق إنذار.
تظن أن الحياة قد ضاقت عليك، أن الأقدار تتلاعب بك، أن الإجابة تأخرت حتى كدت تفقد الأمل.
تغمض عينيك للحظة، وتهمس في ألم:
يا الله، لماذا
لكن مهلا
هل رأيت الصورة كاملة؟
هل أدركت الحكمة حين كنت غارقا في التساؤلات؟
هل كنت تعلم أن الله كان يدبر لك أمرا أعظم مما طلبت؟
كم من مرة بكيت على شيء ظننته خسارة، فإذا به بعد حين يصبح أعظم ما حدث لك؟
كم مرة اعتقدت أن الطريق الذي حرمت منه كان هو الخير، ثم اكتشفت أن الله نجاك منه بلطفه؟
كم من ليلة كنت تسأل فيها _ لماذا؟
وحين مرت الأيام، أدركت الإجابة بوضوح، حتى أنك شكرت الله على ما كنت تبكي منه بالأمس؟
إنه التدبير الإلهي، ذاك الذي لا تدركه لحظتها، لكنك إن تأملت، ستجد أن الله كان يعيد ترتيب حياتك، يبدل مساراتك، يمهد لك طريقا لم تكن لتصل إليه لولا الألم الذي مررت به.
الله يمنع عنك ليحفظك، ويأخذ منك ليعطيك، ويؤخر حلمك ليأتيك بأجمل مما تخيلت.
قد يضع في دربك شوكا، لا ليؤذيك، بل ليصرفك عن طريق كان سيجرحك للأبد.
قد ينزع من حياتك أشخاصا، لا ليكسرك، بل ليطهرك من صحبة لم تكن لك خيرا.
قد يمنعك من أمر تريده بشدة، لأن خلف ستار الغيب ما لا تحتمله لو تحقق.
لا تحزن إن تأخر عنك شيء، فلربما كان التأخير عين اللطف.
لا تجزع إن لم تفهم، فربما كان الغموض هو الستر بعينه.
لا تتعلق بما تراه أمامك، فالله يعلم وأنت لا تعلم، الله يرى وأنت تعجز عن الرؤية، الله يخط بيده سيناريو حياتك بحكمة لا تخطئ، ولطف لا يدركه قلبك إلا حين يحين أوانه.
فإذا ضاق بك الحال، فرددها بيقين
والله يعلم وأنتم لا تعلمون