الظُلمة

كتبت/ رانده حسن
لا أقصد هنا عدم وجود نور الشمس أو الإضاءة بكافة أنواعها ، ولكن مقصدى هنا
الظلمة أو الظلام الذى يخيم على روح الإنسان.
فهناك الكثير من الناس يتعرضون لبعض الأزمات أو المشكلات والمواقف والمعوقات التي يعيشونها ، ولكن بعض الناس يواجهها بالخوف والتقوقع والانغلاق على ذاته ، وعدم وجود الآخرين معه ،بل البعد عن المحيطين به وحتى انعزال الأهل أقرب الناس له.
ويرى الحياة ماهى إلا سوداوية وضباب ولا يوجد مخرج من مشكلاته ، وانه لا يوجد من يحبه أو يقف معه ، على الرغم من انه هو الذى أبعد نفسه ، ولكن يستلذ بدور الضحية ، وأنه لا يستطيع وأنه مغلوب على أمره.
والبعد عن الحياة بل والبعد عن الله سبحانه وتعالى ، والاستسلام لفكرة الوحدة وأفكار الشيطان التى قد تصل إلى الإكتئاب أو الإنتحار في بعض الأحيان.
عندما نواجه تلك الشخصية نجدها ضعيفة داخلية وخارجية ، لا تقوى على الخروج من الأزمة أو المشكلة.
نظرتها للحياة ان الحياة ماهى إلا مصائب وأزمات فقط و أن الناس ماهم إلا حاقدين أو فاسدين ، ولا يوجد معنى للحب وليس هناك حب وسعادة ولكن بؤس وشقاء.
وإذا شاهدت تلك الشخصية أناس ما تغمرهم السعادة والهناء لا يشعرون إلا بالغيرة والحقد والحسد ، وهناك من يخالف ذلك ويعتقد أنهم يكذبون فقط على أنفسهم وعلى المحيطين ليشعروهم أنهم سعداء وهم ليسوا كذلك بل مجرد أداء تمثيلى.
الظلمة غطت على القلب والعقل والروح ، أصبحت تلك الشخصية لا ترى غير السواد الحالك ، ولا ترى معنى ولا تجد هدف للحياة وتعيش متمنية البعد كاملا عن المشاركات التي تفرض عليها لا تريد إلا الوحدة وأفكارها تحيطها الموت .
كيف نتعامل مع هذه الظلمة ؟
كيف يمكن علاج الظلمة وانقشاعها من داخل تلك الشخصية لترى النور يبددها وتستعيد عافيتها من جديد ….
بادىء ذى بدء …يجب علينا أن نعلم أن الإنسان منذ بداية الخلق حتى فناءه شخصياتهم مختلفة عن بعضها البعض ، فهناك الشخصية القوية وهناك الضعيفة ، المعرضة لخطر الإصابة بالأمراض النفسية والاجتماعية والثقافية.
فعلينا الوقوف بجانب من يتعرض للظلمة بمساعدته بمعرفة الله سبحانه وتعالى أنه لا يترك عبده أبدا ويساعده ويقف معه هو الذى خلقه وبيده مقاليد الأمور كلها .
الرجوع إلى الله من خلال الدعاء والذكر وتلاوة القرآن الكريم والصلاة والذى يدعوه إلى الصلاة لابد أن ينتظر ولا يتعجل حتى ترجع روحه وقلبه إلى الإيمان.
يرشده إلى الله من خلال التعامل الحسن والأسلوب اللين والكلمات الرقيقة العذبة.
يرى في سلوكه وليس فى الكلام لأن الكلام مااسهله.
المشاركة فى التجمعات البسيطة بداية ، ثم الكبيرة ، وإذا رفض فى البداية لا نصغط عليه ، ولكن نعرفه المزايا والمفيد وندعوه للتجربة وليست الإستجابة من أول مرة ، بل قد تمتد إلى عدة مرات ، وهنا لابد من الموافقة تأتى من الداخل برضا وليس من ضغط.
التودد والكلام الطيب وليس النفاق لأن أصحاب الظلمة يعلمون النفاق جيدا لأنهم يرون العالم منافقا (كثير من الأحيان).
المساعدة على كون الخروج من الوحدة هو السهم والتفكير السليم هو القوس الذى نضرب به تلك الظلمة لنخرج إلى نور الحياة ، وأن الإنسان كائن اجتماعي لا بعيش وحيدا وأن الوحدة هى بيت الشر ومنبع الأفكار الخبيثة خاصة لأصحاب الشخصية الضعيفةالمريضة.
الأزمة ، المشكلة ، المواقف ، ماهى إلا حياة يعيشها جميع البشر جميعا أغنياء أو فقراء اصحاء أو مرضى ، لكن الفرق كيف يواجه البشر مشكلاتهم وكيف يفكرون في حلها ، وليس تركها بل مواجهنها وإيجاد الحلول المناسبة ، وإذا لم يجدوا ، لا عيب ولا ضرر من اللجوء إلى طلب مساعدة من الأهل أو من أحد مختص يساعد على إرشاد لوحود حلول مناسبة .
التكيف الاجتماعي والنفسي أولا مع النفس (الذات) والاجتماعي مع الغير.
التكيف ليس بعملية سهلة ولكن الشخص الذى يريد المعافاة يعلم ذلك ويبدا ، وعلى المقربين مساعدته ، بل وعدم رجوعه إلى ما كان عليه.
بتكيف مع الأوضاع والمتغيرات التي يعيشونها ليتغير ويخرج بشخصية مرنة متسامحة تستطيع أن تحيا حياة سوية .
الاستماع إلى نصائح الأشخاص المحبة مثلا :كالخروج والتنزه ، السفر إلى أماكن جديدة إن أمكن ، تكوين صداقات جديدة ، التشجيع على هواية جديدة ، تعلم الصيد ليتعلم الصبر ، القراءة ، تغيير عادات وتقاليد قديمة …. إلخ
الانخراط فى الحياة والاستماع إلى الآخرين من خلال بعض الناس أو جلسات جماعية ، ليشعر أن الحياة لا تقف عنده ولكن الجميع يواجه المشكلات والتحديات المعاصرة التي تخرج علينا وعلينا مواجهتها والتغلب عليها بالتفكير المتظم الجيد.
قال تعالى :لقد خلقنا الانسان في كبد (أى مشقة وتعب )سورة البلد (،،4)
أى أن الإنسان يجازى على صبره وتحمله وأن الله يرى ذلك فيقويه ويجازيه ويعوضه .
وليس هناك من لم يتعرض للظلمة من أول البشرية آدم عليه السلام ومرورا بالرسل أجمعين والبشر كافة وحتى قيام الساعة.
ولكن البشرى (إن مع العسر يسرا)سورة الشرح (5)
لابد للبشر جميعا تعلم أن الحياة مليئة بالسعادة والرضا والراحة ومليئة بالآلام والتعب والمشقة والحزن والأسى ، ولابد من التوازن بين تلك وذاك والصبر على ذلك
وعدم التعرض للهلاك النفسى والتآكل الذى يصيب الروح .