5 أطعمة تغير مذاق الأطعمة الأخرى

كتبت: د. إيمان بشير ابوكبدة
إن التذوق لا يقتصر على ما في طبقنا فحسب ؛ بل يتشكل أيضًا بالرائحة ودرجة الحرارة، وحتى بالتوقعات، مما يجعله تجربة متعددة الحواس تجمعها أدمغتنا آنيًا. أحيانًا، يمكن التلاعب بمذاق ما نأكله بتناول شيء آخر: بعض الأطعمة تخدر اللسان، والبعض الآخر يثير الحلاوة، وبعضها قد يفقد حاسة التذوق توازنها لأيام. إليكم خمسة أطعمة تُغير مذاق الأطعمة الأخرى.
التوت المعجزة يحول الطعام الحامض إلى حلو
التوت المعجزة، فاكهة حمراء صغيرة موطنها غرب أفريقيا، لا يضفي مذاقًا مميزًا بمفرده. لكن بمجرد تناولها، تحدث هذه الفاكهة الخفيفة ذات الطعم اللاذع بعض التغيير المؤقت في تجربتنا للأطعمة الأخرى، وخاصةً الحامضة والمرّة. يصبح طعم الليمون فجأةً أشبه بعصير الليمون، وحتى الخل قد يبدو أشبه بالشراب.
مفتاح هذا الإنجاز يكمن في بروتين سكري (بروتين مرتبط بجزيئات سكر) يسمى ميراكيولين، وقد أطلق عليه علماء أمريكيون هذا الاسم في ستينيات القرن الماضي لتأثيراته “المعجزة”. يرتبط ميراكيولين، بمفرده، بمستقبلات الطعم الحلو في اللسان دون أي تأثير يذكر. ولكن عند تناول طعام حمضي، فإنه ينشط تلك المستقبلات، مُخدعًا دماغك ليتذوق الحلاوة دون إضافة أي سكر.
يمكن أن يستمر التأثير من 15 دقيقة إلى ساعة. لا يزال العلماء يبحثون عن استخدامات محتملة للتوت المعجزة، بدءًا من مساعدة مرضى العلاج الكيميائي على استعادة متعة تناول الطعام وصولًا إلى تقليل السكر في النظام الغذائي. في هذه الأثناء، أسهل طريقة لتجربته هي طلب أقراص التوت المعجزة عبر الإنترنت، وربما تذوق مجموعة مختارة من حلوى التارت المفضلة لديك في ما يسمى بحفلة ” التذوق”.
فلفل سيتشوان ينعش براعم التذوق
على الرغم من اسمه، لا يرتبط فلفل سيتشوان بالفلفل الأسود أو الفلفل الحار: إنه في الواقع توابل صينية تصنع من قشور التوت المجففة من نبات زانثوكسيلوم، وهو نوع من شجر الدردار الشوكي من عائلة الحمضيات. بدلًا من الحرارة، يسبب إحساسًا فريدًا بالوخز أو الخدر في اللسان والشفتين يعرف باسم التنميل.
يأتي الإحساس بالوخز من أحد مركبات زيت الفلفل، ويسمى هيدروكسي ألفا سانشول. فبدلاً من الارتباط بمستقبلات التذوق، يحفز هذا المركب الأعصاب الحسية في الفم، وهي نفسها التي تستجيب للمس ودرجة الحرارة.
لا يقتصر التأثير على الجانب المادي فحسب، بل يُساعد التخدير على موازنة حرارة التوابل بتخفيف بعض الحرق، مع زيادة حدة أو تضخيم أحاسيس ونكهات أخرى، مثل الحمضيات أو الحلاوة. في الصين، يطلق على تأثير التخدير في سيتشوان اسم “ما” ، وعند مزجه مع حرارة الفلفل الحار اللاذعة – المعروفة باسم “لا” – يُنتج “مالا” ، وهي نكهة التوابل المخدرة المميزة في مطبخ سيتشوان.
الخرشوف يخدع اللسان
الخرشوف من غرائب المطبخ. فرغم أنه يعتبر غالبًا خضارًا، إلا أنه في الواقع براعم زهور صالحة للأكل. كما أن له خدعة ذكية في أوراقه: بعد تناوله، قد يصبح طعم الأطعمة والمشروبات الأخرى أحلى من المعتاد. ويكمن السبب الرئيسي في السينارين، وهو حمض نباتي طبيعي لا يعطي طعمًا حلوًا بحد ذاته، ولكنه يؤثر مؤقتًا على مستقبلات التذوق.
يحجب السينارين مؤقتًا مستقبلات الطعم الحلو في اللسان. عندما تتوقف عن الأكل وتتناول رشفة ماء أو لقمة خبز، يزول السينارين أو يختفي بالفرشاة، فتعود المستقبلات إلى مكانها، مرسلةً إشاراتها الحلوة فجأةً إلى الدماغ.
الصنوبر يجعل الأشياء ذات مذاق معدني
بعض الأطعمة المختارة، مثل الصنوبر، لها القدرة على تغيير حاسة التذوق لأسابيع متواصلة. وقد أبلغ بعض الأشخاص عن استمرار الشعور بطعم مرير أو معدني في أفواههم ليوم أو يومين بعد تناول أنواع معينة من الصنوبر، ويزداد سوءًا عند تناول أطعمة أو مشروبات أخرى. يمكن أن تستمر الأعراض من يومين إلى أربعة أسابيع.
هذه الظاهرة، المعروفة باسم “فم الصنوبر” الشبيه بأفلام الرعب، لم تُفهم تمامًا بعد. لم يعثر على دليل واضح للأسباب الطبية الكامنة أو المحفزات الشائعة لدى 15 شخصًا أبلغوا عن معاناتهم من هذه الحالة، ويعتقد الباحثون أنها قد تحدث فقط مع أنواع محددة من الصنوبر، مثل الصنوبر الأرماندي. في حين أن معظم الصنوبر يتكون من الدهون والبروتينات والنشويات، إلا أنه يحتوى أيضًا على الكثير من المركبات النزرة الدقيقة، مما يجعل من الصعب تحديد أي منها قد يكون سببًا لهذا الطعم الغريب.
مدمر السكر
على عكس التوت المعجزة، الذي يُضفي حلاوةً على الأطعمة الحامضة، فإن “مُدمر السكر” يُضفي على الأطعمة الحلوة مذاقًا باهتًا. يستخدم نبات الجيمنيما سيلفستر الورقي تقليديًا في طب الأيورفيدا الهندي. عند مضغه أو تناوله كمستخلص، ترتبط مركباته النشطة، وخاصةً أحماض الجيمنيما، بمستقبلات الطعم الحلو في براعم التذوق لدينا، وتمنع السكر من فعل الشيء نفسه. ونتيجةً لذلك، يبقى طعم الأطعمة والمشروبات السكرية باهتًا نوعًا ما لمدة 30 دقيقة تقريبًا.
في أمريكا، يتوفر المستخلص على شكل أقراص استحلاب. وقد وجدت نتائج متفاوتة: فقد احتاج بعض الأشخاص إلى جرعتين لملاحظة انخفاض في حلاوة الأطعمة التي يتناولونها لاحقًا، بينما لم يلاحظ آخرون أي فرق على الإطلاق. مع ذلك، لا تزال الدراسات تجرى حول قدرة هذا النبات على المساعدة في منع تراكم الدهون الثلاثية في أنسجة العضلات والكبد (التي ارتبط ارتفاع مستوياتها بزيادة أمراض القلب)، بالإضافة إلى تنظيم مستويات الجلوكوز.