تحية إجلال لفرسان السنترال الذين وقفوا في وجه النار

د حمدان محمد
لم يكونوا مجرد مهندسين يؤدون واجبهم اليومي بين جدران السنترال في قلب العاصمة، بل كانوا رجالًا صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وقفوا بثبات في مواجهة ألسنة اللهب التي باغتتهم دون إنذار، فلم يهربوا، ولم ينتظروا النجدة، بل خاضوا معركة حقيقية ضد الحريق، بأيديهم وعقولهم وقلوبهم وفي اللحظات الحرجة التي تصنع الفارق بين الحياة والموت، بين الكارثة والسلامة، اختار هؤلاء الأبطال أن يواجهوا النار لا أن يفروا منها، كانت أعينهم على بطاريات المولدات، يدركون تمامًا ما تعنيه شرارة واحدة تصل إلى تلك البطاريات، يدركون حجم الكارثة التي كانت ستقع لو اشتعلت، وكم من الأرواح البريئة كانت ستزهق، وكم من المنازل المحيطة كانت ستتضرر بل إنهم لم يدافعوا فقط عن مبنى أو معدات أو خطوط اتصال، بل دافعوا عن وطن بأكمله، عن أرواح الآلاف، عن أمان الناس، عن أمن العاصمة، وقفوا كالسد المنيع يمنعون النار من التمدد، من الانتشار، من التهام ما تبقى، حتى لو كان الثمن حياتهم فقد رحل بعضهم في صمت، تاركين خلفهم قصة بطولة لا تُنسى، ودروسًا في التضحية لن تمحى من ذاكرة الوطن، إن دماءهم الطاهرة ليست خسارة، بل وسام على صدر هذا الوطن، تروي الأرض التي ساروا عليها وتروي ضمائرنا التي تحتاج إلى مثل هؤلاء لتبقى يقظة
رحم الله شهداء الواجب الذين حملوا أمانة الوطن في قلوبهم وسطروا بدمائهم أنصع صفحات الفداء، وجعلهم في أعلى عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين
وسيبقى ما فعلوه شاهدًا على أن في هذا الوطن رجالًا، إذا اشتدت المحن، وقفوا صفًا واحدًا لا يهابون الموت بل يواجهونه بشجاعة لا يمتلكها إلا أصحاب القلوب الكبيرة والأرواح النقية