مقالات

“العنصرية في إسبانيا: قضية فينيسيوس جونيور وأزمة كرة القدم مع التمييز”

كتب/مازن السيد

رغم التقدم الذي حققته إسبانيا في العقود الأخيرة، لا تزال العنصرية تمثل مشكلة اجتماعية بارزة، خاصة تجاه المهاجرين والأقليات. تظهر العنصرية في الحياة اليومية، وفي بعض الأحيان بشكل علني في الملاعب الرياضية، حيث تكون كرة القدم انعكاسًا للمجتمع نفسه.لطالما كانت ملاعب كرة القدم في إسبانيا مسرحًا لحوادث عنصرية، سواء من الجماهير أو حتى من بعض اللاعبين والمسؤولين. رغم القوانين الصارمة التي تهدف إلى مكافحة التمييز، لا تزال الإساءات العنصرية تظهر في بعض المباريات، مما يثير تساؤلات حول فعالية الإجراءات المتخذة لمواجهتها.من بين اللاعبين الذين تعرضوا للعنصرية بشكل متكرر في إسبانيا، يبرز اسم النجم البرازيلي ڤينيسيوس جونيور، لاعب ريال مدريد. منذ انضمامه إلى “الميرينغي”، تعرض ڤينيسيوس لهتافات عنصرية عدة مرات، خاصة من جماهير بعض الفرق المنافسة. أبرز الحوادث كانت في موسم 2022-2023، عندما أطلقت جماهير فالنسيا هتافات عنصرية ضده، ما أدى إلى ردود فعل عالمية.ڤينيسيوس لم يسكت عن الظلم، حيث تحدث علنًا عن معاناته، ودعا إلى اتخاذ إجراءات حازمة لوقف العنصرية في الملاعب. كما تلقى دعمًا واسعًا من زملائه في ريال مدريد، ومن جهات رسمية مثل الاتحاد الإسباني لكرة القدم ورابطة الليغا، بالإضافة إلى تضامن لاعبين عالميين وأندية أوروبية.ڤينيسيوس ليس الوحيد الذي واجه العنصرية في الكرة الإسبانية. تعرض لاعبان آخران مثل صامويل إيتو وداني ألفيش لإساءات عنصرية خلال فترات لعبهم في الليغا. في إحدى المباريات، قام ألفيش بتصرف رمزي قوي عندما التقط موزة ألقيت عليه من المدرجات وأكلها، في رسالة واضحة لمواجهة العنصرية بالسخرية منها.رغم أن رابطة الدوري الإسباني والاتحاد الإسباني لكرة القدم يدّعون أنهم يعملون بجد لمحاربة العنصرية، إلا أن العقوبات التي تفرض غالبًا ما تكون غير رادعة. في بعض الحالات، يتم فرض غرامات مالية أو إغلاق جزئي للمدرجات، لكن هذه الإجراءات لم تمنع تكرار الحوادث.من ناحية أخرى، يؤكد بعض النقاد أن هناك حاجة لتغييرات ثقافية أعمق، وليس فقط عقوبات قانونية. إذ يجب أن تتضمن الحلول تعزيز حملات التوعية داخل الملاعب، وزيادة العقوبات على الأندية التي تتجاهل سلوك جماهيرها، إضافةً إلى تشجيع اللاعبين على التبليغ عن أي تجاوزات يتعرضون لها.العنصرية في كرة القدم الإسبانية مشكلة عميقة، لكنها ليست مستعصية. تحتاج إسبانيا إلى مضاعفة جهودها من خلال تطبيق قوانين أكثر صرامة وتعزيز الوعي المجتمعي. اللاعبون مثل ڤينيسيوس جونيور يدفعون الثمن حاليًا، لكن مواقفهم الشجاعة قد تكون بداية التغيير الحقيقي في الملاعب الإسبانية، وربما في المجتمع بأسره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى