مقالات

العاشر من رمضان.. انتصار الإرادة واستعادة الكرامة

د/حمدان محمد 

يُعد يوم العاشر من رمضان واحدًا من أعظم الأيام في تاريخ مصر والأمة العربية، حيث ارتبط بذكرى نصر أكتوبر المجيد عام 1973، ذلك النصر الذي أعاد للأمة كرامتها، وسجّل بحروف من ذهب في صفحات التاريخ العسكري الحديث.

ففي العاشر من رمضان عام 1393 هـ، الموافق السادس من أكتوبر 1973، انطلقت القوات المسلحة المصرية في هجوم كاسح على خط بارليف الحصين، الذي كانت تعتبره إسرائيل “أقوى خط دفاعي في العالم”. تمكن أبطال الجيش المصري، في ملحمة بطولية، من اقتحام القناة وتحطيم التحصينات الإسرائيلية، مستخدمين خراطيم المياه لإزالة الساتر الترابي، في تكتيك عسكري عبقري حيَّر العالم.

ولكنها إرادة لا تُقهر فلم يكن الانتصار العسكري وحده هو ما ميّز هذا اليوم، بل الإرادة الفولاذية التي أظهرها الجندي المصري، والتي تجلّت في الإيمان العميق بعدالة القضية، والاستعداد للتضحية بكل غالٍ ونفيس من أجل استرداد الأرض والكرامة. فكان الصيام في هذا اليوم رمزًا آخر للعزيمة والإصرار، حيث خاض الجنود المعركة وهم صائمون، في مشهد يعبّر عن الروح القتالية العالية التي تميّز بها الجيش المصري.

وقدشكّل نصر العاشر من رمضان نقطة تحول في الصراع العربي-الإسرائيلي، حيث أدى إلى تحريك الجهود السياسية التي انتهت بتحرير سيناء بالكامل في 25 أبريل 1982 عبر اتفاقية السلام. كما أعاد هذا النصر الثقة للعالم العربي في قدرته على التصدي للعدوان، وأثبت أن التفوق العسكري الإسرائيلي لم يكن سوى أسطورة قابلة للتحطيم بالإرادة والتخطيط السليم.

لا يزال نصر العاشر من رمضان يشكّل مصدر إلهام للأجيال المتعاقبة، حيث يعكس أهمية الوحدة الوطنية والتخطيط المحكم والعمل الدؤوب لتحقيق الأهداف الكبرى. كما يُعد درسًا في أهمية الإيمان بالقضية والاعتماد على الذات في مواجهة التحديات.

ويبقى العاشر من رمضان يومًا خالدًا في وجدان المصريين، وعلامة مضيئة في تاريخ العسكرية المصرية والعربية، إذ يمثل انتصار الحق والإرادة على الظلم والعدوان، ليظل رمزًا للفخر والعزة لكل مصري وعربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى