مريم أحمد
في قلب القاهرة العريقة، بحي السيدة زينب المفعم بروح الحكايات الشعبية، وُلد الأديب الكبير يحيى حقي في 7 يناير 1905. نشأ وسط أسرة مصرية متوسطة ذات أصول تركية وألبانية، لكنه ظلّ ابنًا خالصًا لمصر، عاش بقلبه في أزقتها وكتب بصدق عن ناسها البسطاء.
بدأ يحيى حقي تعليمه في كُتّاب الحي بحفظ القرآن الكريم، ثم التحق بالمدرسة الابتدائية “والدة عباس باشا”، ومنها انتقل إلى المدرسة “الإلهامية” الإعدادية، ثم المدرسة “السعيدية” الثانوية، وأخيرًا أنهى دراسته الثانوية في المدرسة “الخديوية”.
في عام 1921 حصل على شهادة البكالوريا ، وكان من الطلاب المتفوقين، ثم التحق بكلية الحقوق بجامعة فؤاد الأول، وتخرج عام 1925 حاملاً ليسانس الحقوق.
عمل يحيى حقي بعد تخرجه لفترة قصيرة في المحاماة، ثم التحق بوظيفة معاون إدارة في مدينة منفلوط بأسيوط. في عام 1929 انضم إلى السلك الدبلوماسي المصري، وتنقّل بين عدة قنصليات في جدة، إسطنبول، روما، باريس، وأنقرة، كما شغل منصب وزير مفوض في ليبيا.
بعد عودته إلى مصر، تولى يحيى حقي مناصب.
مدير عام مصلحة الفنون.
مستشار لدار الكتب المصرية.
رئيس تحرير مجلة “المجلة” من عام 1961 حتى 1970.
وخلال رئاسته للمجلة، تحولت إلى منبر أدبي وثقافي بارز ساهم في اكتشاف جيل جديد من الكُتاب.
يُعتبر يحيى حقي أحد أبرز رواد القصة القصيرة في مصر والعالم العربي. كتب عن الإنسان البسيط بلغة أنيقة وأسلوب يمزج بين البساطة والعمق.
من أشهر أعماله:
“قنديل أم هاشم” (1943): روايته الأشهر التي تناولت صراع التقاليد مع الحداثة.
“البوسطجي”: رواية تحولت إلى فيلم شهير يكشف هموم الريف المصري.
“دماء وطين”، “سارق الكحل”، “أنشودة للبساطة”، “أم العواجز”.
سيرته الذاتية: “خليها على الله” (1956).
نال يحيى حقي العديد من الجوائز والتكريمات تقديرًا لعطائه الأدبي، منها:
جائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 1969.
وسام فارس من الطبقة الأولى من الحكومة الفرنسية عام 1983.
دكتوراه فخرية من جامعة المنيا عام 1983.
جائزة الملك فيصل العالمية في الأدب العربي عام 1990.
في 9 ديسمبر 1992، رحل يحيى حقي عن عالمنا، لكنه ترك أثرًا خالدًا في الأدب العربي. لم يكن مجرد كاتب، بل كان ضميرًا أدبيًا صادقًا، ومثالًا للكاتب الذي احترم قارئه وكتب بصدق عن الإنسان.
