صمت الظل تعلب المخابرات المصرية

كتب /حموده أمين حسين
يُعد اللواء محمد جبريل أحد الأسماء البارزة في عالم المخابرات العامة المصرية، وواحدًا من العقول التي عملت في صمت خلال سنوات من أصعب الفترات التي مرت بها الدولة المصرية، خاصة خلال صراعاتها مع إسرائيل في النصف الثاني من القرن العشرين.
وُلد محمد جبريل في بيئة مصرية وطنية، والتحق بالقوات المسلحة المصرية، ثم تم اختياره لاحقًا للانضمام إلى جهاز المخابرات العامة بعد أن أظهر كفاءة نادرة في التعامل مع الملفات الأمنية والاستخباراتية. كان يتمتع بقدرات تحليلية عالية، وذكاء ميداني جعله من العناصر التي يُعتمد عليها في المهمات الخاصة والمعقدة.
عمل محمد جبريل في الظل، ولم يكن اسمه معروفًا على نطاق واسع لعامة الشعب، إذ كان من طراز الضباط الذين يؤمنون بأن البطولة الحقيقية لا تحتاج إلى تصفيق. شارك في عدة عمليات نوعية، منها ما كان موجهًا ضد أهداف إسرائيلية، وأخرى في مجالات حماية الأمن القومي المصري داخليًا وخارجيًا.
من أبرز ما يُعرف عنه أنه كان جزءًا من شبكة ضباط أدارت معارك “العقول” مع جهاز الموساد الإسرائيلي، ونجح في اختراق أهداف معادية وجمع معلومات ذات قيمة استراتيجية كبيرة، دون أن يُكشف أمره أو يُعرض حياة عناصره للخطر.
امتاز اللواء محمد جبريل بقدرته على التخطيط طويل المدى، وفهمه العميق لنفسية العدو. لم يكن مجرد ضابط ينفذ الأوامر، بل كان يُشارك في صياغة الاستراتيجيات، وكان يُعرف بين زملائه بلقب “الثعلب”، نظرًا لحيله الذكية وقدرته على الخروج من أصعب المواقف دون خسائر.
بعد خروجه من الخدمة، ظل محمد جبريل محافظًا على التزامه بسرية ما شارك فيه، نادرًا ما ظهر في الإعلام أو تحدث عن بطولاته، ما زاد من هيبته وغموضه في الوقت نفسه. وقد أشاد به عدد من القادة العسكريين والضباط المعاصرين له، مؤكدين أنه كان “رجل المواقف الصعبة” بحق.
محمد جبريل هو أحد الجنود المجهولين الذين حموا الوطن من خلف الستار. لم يحمل السلاح في ساحة المعركة فحسب، بل حمل الوطن في قلبه، وجاهد بعقله وحنكته لسنوات طويلة. هو نموذج حقيقي للضابط الوطني الذي تفتخر به المخابرات المصرية والعربية.