مقالات

مواطن يحترق ببنزين مشتعل!

بقلم: السيد عيد

في وطننا العزيز أو ما تبقى منه بعد كل “تحريك” – لم يعد ارتفاع أسعار الوقود حدثًا مفاجئًا، بل صار من الطقوس الوطنية التي نمارسها شهريًا، كأننا نحتفل بعيد إشعال الجيوب!

لا تحتاج إلى شمّ البنزين لتعرف أنه اشتعل، يكفيك أن تنظر في عيون المواطنين عند محطات الوقود… الشرر يتطاير من حدقة العين، والدخان يتصاعد من أذن المواطن اليسرى، واللهيب يندلع من جيبه الأيمن، وكأننا في عرض ناري مجاني!

البنزين نفسه تغيّر… لم يعد سائلاً عديم اللون والرائحة، بل أصبح شخصية متعالية، تمشي بين الناس بسيارة فارهة، تتفاخر بسعرها في نشرة الأخبار، بينما يكتفي المواطن بفتح الفيسبوك ليقرأ: “تحريك جديد للأسعار“… وكأن البنزين يُمارس علينا فنون القتال المختلط، وليس مجرد سعر!

كلمة “تحريك” عندنا تعني قفزة بهلوانية في الأسعار… دفعة لأعلى بدون باراشوت. والمواطن كعادته مطلوب منه ألا يتأثر! فالحكومة، بارك الله فيها وفي برود أعصابها، تطمئننا قائلة:
الزيادة طفيفة… لا تمس المواطن.”
وبالطبع، المواطن المقصود هنا كائن فضائي، لا يركب مواصلات، ولا يطبخ، ولا يتحرك إلا بقوة الرياح.

أما الميكروباص، فقد تحوّل إلى سفينة فضائية، ليس حبًا في السرعة، بل لأنه يحاول الفرار من محطة البنزين قبل أن يرى الفاتورة! وسائق التوكتوك أصبح شاعرًا حزينًا، يبدأ كل يوم بـ”يا وقود الروح، يا نار الجيوب… أين كنت وأين صرت؟”

حتى من قرر أن “يتذاكى” ويشتري عجلة، وجد أن ثمنها ينافس سعر موتوسيكل، والعجلة بكل ما تحمله من أمل أصبحت رمزًا للعجز لا للحل.

وفي مشهد الختام، المواطن يحترق..البنزين يشتعل.. والحكومة تتابع العرض من خلف زجاج فاميه، مكيف، عازل للصوت والحقيقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى