من يحمي براءة “يَس” حين يخون الكبار الأمانة؟

أحمد حسني القاضي الأنصاري
في زمنٍ تتسارع فيه الأحداث، وتُختبر فيه القيم والمبادئ على محكّ الواقع، نشهد مشهدًا مؤلمًا يتكرّر كل يوم: الكبار، الذين يُفترض أن يكونوا قدوة، يخذلون الأجيال الجديدة بسلوكيات لا تمتّ إلى الأخلاق أو الضمير بصلة.
لم يعد الأمر مقتصرًا على الإهمال أو التجاهل، بل تجاوز ذلك إلى صور مؤلمة من التنمّر، والإهانة، والتسلّط، بل وأحيانًا إلى الخداع واستغلال البراءة. نرى من يُفترض بهم أن يكونوا مربّين وقدوة، وهم يُطفئون شعلة الفضيلة في قلوب الصغار بالكلمة الجارحة أو السلوك غير المسؤول.
ما ذنب الطفل حين يرى من حوله يكذب ليتنصّل من المسؤولية؟ ما ذنبه حين يكتشف أن الاحترام لم يعد قاعدة، بل استثناء؟ من أين سيتعلّم الصدق والأمانة، إذا كان الكبار أنفسهم أول من يفرّطون في هذه المبادئ؟
إنها أزمة أخلاق قبل أن تكون أزمة مجتمع. فلا تنمية ستُجدي، ولا تعليم سيؤتي ثماره، إذا لم نُعِدّ الاعتبار للقيم، ونعِدْ زرعها في النفوس، قولًا وفعلًا.
إلى كل من يحمل لقب “كبير”: احذروا أعين الصغار، فهي تراقب، وتتعلّم، وتقلّد. فكونوا لهم منارة لا ظلامًا، وكونوا قدوة لا عبئًا.
فليكن كلٌّ منا حارسًا على براءة “يَس”، لأن لا جريمة تفوق خيانة الأمانة، ولا خذلان أكبر من خذلان الطفولة.