ديني

الكرم والجود: سمة العظماء وأصل النبلاء

 

أحمد حسني القاضي الأنصاري

 

في زمن تزداد فيه الأولوية للمصالح الشخصية والمادية، يظل الكرم والجود من أرقى الصفات التي تميز الأشخاص ذوي الطابع الرفيع. فليس الكرم مجرد تقديم الأموال، بل هو تعبير عن نقاء القلب وصدق النوايا، يظهر في تصرفات بسيطة كالابتسامة أو كلمة طيبة، أو في تخصيص الوقت بسخاء لمن يحتاجه.

 

الكرم كمفهوم عميق

 

الكرم صفة أساسية في الفطرة البشرية، ينبع من القلب الطاهر، ويترسخ بالإيمان. فليس الكرم محصورًا في كثرة المال، بل في نقاء الروح وسمو الأخلاق. وقد نرى أن الفقير قد يكون أكرم من الغني إذا منح مما يملك بشجاعة، وليس مما يتبقى لديه. كما قال النبي ﷺ:

 

> “ليس الغنى بكثرة المال، ولكن الغنى غنى النفس.” (رواه البخاري ومسلم)

 

الجود: العطاء بلا قيود

 

يُعتبر الجود أسمى درجات الكرم، حيث أن الجواد لا ينتظر جزاء أو مقابلاً، بل يجد سعادته في العطاء نفسه. الجود لا يقتصر على المال فقط، بل يتسع ليشمل الجهد، المعرفة، الحب، والتضحية. وكان النبي ﷺ أكرم الناس وأكثرهم جودًا، لا سيما في شهر رمضان، حيث يتضاعف عطاؤه كما تتسارع الرياح في نشر الخير.

 

الكرم في التراث العربي

 

في ثقافتنا العربية، يُعتبر الكرم أكثر من مجرد فضيلة، فهو جزء لا يتجزأ من فخر العائلة والمجتمع. من حاتم الطائي إلى عبد الله بن جعفر، تاريخنا مليء بشخصيات سُجلت في الذاكرة ليس بفضل سيوفها، بل بفضل سخائها، وأصبحت قصصهم مصدر إلهام تُروى في المجالس.

 

لماذا نحتاج الكرم اليوم؟

 

في عصر يطغى عليه الأنانية، ويغلب عليه التناحر بين الناس، يُعد الكرم بمثابة العلاج لإعادة بناء الثقة بين الأفراد. إنه يساعد في ترميم العلاقات ويهدئ المشاعر المتوترة، ويخلق بيئة من المحبة والاحترام تُساهم في بناء مجتمع قوي ومتماسك.

 

وأخيرًا…

 

الكرم ليس مجرد سمة طيبة، بل هو أسلوب حياة يجب أن نتمسك به. كن كريمًا في عطائك، في مشاعرك، في وقتك، وفي قدرتك على التسامح! لأن الله كريم، وهو يحب الكرماء، كما قال ﷺ: “ما نقص مالٌ من صدقة.”

 

اجعل الكرم طريقتك في الحياة، وابدأ بممارسة الجود كعادة يومية، لتكون قريبًا من قلوب الناس، ومحبوبًا عند الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى