صديق السوء

د. فرج العادلي
جلست مع رجلين على فترات متباعدة بين الجلستين طبعا
وكان أحدهما غاضبا من شخص ما، فطلبتُ منه أن يسامحه لما بينهما من الصحبة والعشرة، فرفض، فقلت له لِمَّ هذا الإصرار العجيب ؟! قال: جلست مع نفسي ساعة، وحسبتُ حسناته معي وسيئاته، فوجدت سيئاته أكثر وأشد، فعزمت على الرحيل للأبد، مع حفظي الود القديم طبعا.
فادهشني عقله، وأصله، وتفكيره، إذ كيف تخلق بأخلاق الله سبحانه وتعالى، وقد وضع ميزانا يقيس به أعمال صاحبه، ويكون موقفه مع الكِفّة الغالبة أو الراجحة، حسنات أو سيئات.
وفي مرة أخرى في وقتٍ ما، جلست مع رجلٍ وكان غاضبا غضبا شديدا من شخصٍ كان يحبه أيضا، فلما سألته، علمت أنه حدث بينهما موقفٌ ما، فخاصمه، وابتعد عنه، وخسره، حتى لم يعاتبه !
فحضر في ذهني موقف الشخص الأول، فقلت له: هل حسبت حسناته معك وسيئاته ؟ قال كيف: قلت له: مواقفه معك يغلب عليها الخير أم الشر؟
فتفكر قليلا وقال أن لا أتذكر أنه حدث بيننا شيء قبل هذا يصل بيننا للقطيعة، وكنا في أفضل حال، وله معي مواقف لا أنساها طبعا،(تخيل) لم يتذكرها الإ الآن بعدما طرقت بابها وسألته عنها، وكأن الموقف الآخير كان قد حبسه وأسره في غضبه وحزنه بل سيطر على فكره تماما وأغلق كل نوافذ الأخوة القديمة !
فقلت له: تركت كل ذلك، ولم تتذكر له إلا آخر موقف ؟! ولأنه أصغر مني سنًا وليَ عنده عشمٌ كبير، قلت له يا لك من صديق سوء، لا رزقني الله صديقا مثلك.
فسرح ورفع حاجبيه أو أحدهما، وكأنه شعر أنه أخطأ لا سيما وأنه يثق في نصيحتي له وإخلاصي بفضل الله تعالى، وعاد يتأمل ما مضى
الخلاصة:
يا أصدقاء فلنتخلق بأخلاق الله تعالى، ولنترك أخلاق الشياطين.
فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره.