بقلم/ انتصار عمار
قد يكذب بريق العين أحيانًا، حينما يختبيء الألم خلف لحظها، ويصمت الوجع خلف زيف بسمتها.
ويرسم على شفاه الزمن ضحكات مبتورة، بوجهٍ زائف،
لا شك أن العين تلمع، حين تدمع، كبريق نجم في السماء، يضيء.
وقد يكون هذا الدمع دمع فرحٍ، أو دمع حزن، دربان مختلفان، يسافران عبر راحلة الحياة،
وبجعبتهما أمتعة الزمن.
ما أجمل بريق العين الذي يسكن محيطها حينما يكون صادقًا!
حين يترجم قصائد الهوى المسطرة في عين الزمان،
وتختبيء خلف لحظه.
حين يبوح بأسرار الغرام الدفينة، بين جنبات الماضي، والحاضر، وينطق بكلمات العشق
المغتربة، التي يحبسها اللسان.
أصدق لمعة بالعين، تلك التي تبكي بعين أم، تُمزق قلبها صرخات صغيرها، الذي يبعد عن حضنها الدافيء.
ولأول مرةٍ، ويُلقى في أحضان المجهول، ذلك العالم الذي تتكلم فيه أحرف اللغة.
ونجاح طالب لطالما واصل الليل بالنهار، حتى تفوق في دراسته، وأتته أمانيه مهرولةً، تسارع خطوات الزمن.
وأب يودع ابنه، طريح الفراش، بعد جراء عملية جراحية، ولقاء
حبيب، طال غيابه عن حبيبه، حتى امتد شوقه ليسع مابين المشرق، والمغرب.
قد يكذب بريق العين، رغم سطوع لمعانه، إلا أنه لا يكذب الحس مطلقًا.
فلا تكذب عين السماء حين تلمع، فبريق عينيها، زخات مطر، تنسدل على الأرض.
ولا تكذب عين الزهرة، حينما يقطر الندى قبلاته بناظريها، معلنًا تباشير الصباح.
ولا تكذب عين العصفور، حينما تشرق الشمس في محيطها، ولكن ينبغي ألا ننقاد وراء كل بريق يضوي.
فليس كل لحظ يلمع، صادقًا، فلربما تُخفي الضحكات، أوجاعًا تصرخ في صمت، ولربما كان هذا البريق كوخًا، تسكنه آلام الصبر.
احذر لمعة الزيف في عين حاسد، تشبه بريق الذهب، لكنها تحمل في تكوينها، جوهر النيكل.
تلتهم قلبه نيران الغيرة، وتصطاده أنياب الحقد، يجسد دور المحب المخلص، وما يعكس بريق عينيه إلا سمًا ينضح به.
كذلك لمعان عين الظالم المتسلط، الشامت في الضعيف المستكين.
وقد يكون البريق، لمعة هاربة من فضاء الأماني، لتسكن لحظ الواقع، وقد يكون سرابًا هاربًا من سجلات، ودفاتر الزمن، ليجسد دور البطولة، في دموع وقحة.
بالنهاية، احذر الخريف الكاذب، التي تتساقط دمعاته، دمعة، تلو أخرى، وبريق عينيه الزائف، الذي يسطع، ليعلن عن فصل آخر.
يأتي، ليمحو وجودك، ويقتلع جذورك، من أرض الحياة، ويلقي بك وحيدًا في صحراء اللاوجود.
