حوادث وقضايا

سنترال رمسيس من رمز للاتصالات إلى مسرح للحريق.. القصة الكاملة لنشأة وتطور وحريق السنترال الأشهر بالقاهرة

نجده محمد رضا

في قلب العاصمة المصرية، على مقربة من محطة سكك حديد مصر، يقف سنترال رمسيس كواحد من أقدم وأهم منشآت الاتصالات في البلاد. لعقود طويلة، ظل السنترال مركزًا حيويًا لنقل المكالمات وتقديم خدمات الهاتف الأرضي والإنترنت، لكنه تحوّل مؤخرًا إلى محور اهتمام إعلامي بعد الحريق الذي اندلع به وأثار حالة من الذعر، والكثير من التساؤلات حول أسباب الحادث ومستقبل المبنى.

أولًا: نشأة سنترال رمسيس

تعود نشأة سنترال رمسيس إلى منتصف القرن العشرين، في إطار خطة الدولة لتوسيع شبكة الاتصالات المركزية بالقاهرة، تزامنًا مع نمو العاصمة وزيادة الطلب على الخدمات الهاتفية. وقد تم اختيار موقعه الاستراتيجي قرب محطة رمسيس لتسهيل الربط بين السنترال وشبكات النقل والبنية التحتية.

تم بناء السنترال على الطراز المعماري العصري في ذلك الوقت، ليصبح مركزًا رئيسيًا يربط بين سنترالات القاهرة الكبرى. واحتوى المبنى على معدات ضخمة من شركات عالمية، مثل “Alcatel” و”Siemens”، وشهد مراحل متعاقبة من التحديث الفني.

ثانيًا: تطور السنترال ودوره في البنية التحتية

على مدار عقود، لعب سنترال رمسيس دورًا محوريًا في منظومة الاتصالات المصرية، خاصة خلال فترات

التوسع العمراني في الستينيات والسبعينيات.

عصر التليفون المنزلي الذهبي في الثمانينيات والتسعينيات.

التحول إلى الإنترنت المنزلي في الألفينات.

وقد كان السنترال يحتوي على آلاف الخطوط الأرضية، وكان مسؤولًا عن توصيل الخدمة لأحياء وسط القاهرة مثل رمسيس، شبرا، الفجالة، غمرة، والأزبكية. كما تم تطويره لاحتضان “كبائن الإنترنت”، وأنظمة ADSL، وبوكسات التوزيع الذكية الحديثة (MSAN) في السنوات الأخيرة.

ثالثًا: حريق سنترال رمسيس ما الذي حدث؟

في صباح يوم الثلاثاء 9 يوليو 2024، اندلع حريق ضخم في الطابق الأرضي بمبنى سنترال رمسيس، وتصاعدت ألسنة اللهب وأعمدة الدخان إلى السماء، مما أثار الذعر بين المواطنين والمارة في المنطقة المزدحمة.

تفاصيل الحريق:

اندلع الحريق في وحدة تخزين للكابلات القديمةشهود عيان أفادوا بسماع صوت انفجار قبل رؤية النيران.

تدخلت قوات الحماية المدنية بأكثر من 10 سيارات إطفاء.

تم إخلاء المبنى بالكامل، ولم يتم تسجيل خسائر بشرية.

رابعًا: التحقيقات الرسمية

أعلنت وزارة الداخلية فتح تحقيق عاجل لمعرفة سبب الحريق. ووفقًا لمصادر أولية، فإن ماسًا كهربائيًا في أحد غرف التحكم بالكابلات هو السبب المرجح.

كما باشرت النيابة العامة التحقيق في مدى التزام السنترال بإجراءات السلامة، وسط تساؤلات حول:

وجود أنظمة إنذار مبكر.

تقادم البنية التحتية.

تخزين المواد القابلة للاشتعال داخل المبنى.

خامسًا: ردود الفعل الرسمية والشعبية

الشركة المصرية للاتصالات (WE) أصدرت بيانًا تؤكد فيه:

السيطرة الكاملة على الحريق.

تحويل خطوط الخدمة إلى سنترالات بديلة.

العمل على إعادة الخدمة في أسرع وقت.

أما المواطنون، فقد عبروا عن استيائهم من الانقطاع المؤقت في خدمات الهاتف والإنترنت، وقلقهم من تكرار مثل هذه الحوادث.

سادسًا: الدروس المستفادة ومستقبل السنترال

الحادث أعاد إلى السطح قضايا غاية في الأهمية، مثل:

ضرورة تحديث أنظمة الحماية من الحريق في المنشآت الحكومية.

أهمية التحول إلى البنية التحتية الرقمية وتقليل الاعتماد على الكابلات النحاسية القديمة.

الحاجة لصيانة دورية وجادة للمرافق الحيوية في القاهرة.

وتدرس الشركة المصرية للاتصالات الآن تحويل سنترال رمسيس إلى مركز رقمي حديث، وربما نقل بعض الوظائف إلى منشآت أخرى أكثر أمانًا.

سنترال رمسيس ليس مجرد مبنى للاتصالات، بل هو جزء من الذاكرة العمرانية والتكنولوجية لمصر. وبينما نأمل في سرعة ترميمه وتطويره، يبقى درس الحريق جرس إنذار لإعادة النظر في البنية التحتية والسلامة في منشآت مصر القديمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى