الأسرة والطفل

جذور الثقة تبدأ من الحضانة: كيف ترعى طفلًة واثقًا من نفسه؟

كتبت/سالي جابر

أخصائية نفسية

يعتقد بعض الآباء أن تلبية احتياجات الأبناء الفسيولوجية من مأكل ومشرب وملبس هي جوهر التربية السليمة، وبالطبع لا يمكن إنكار أهمية هذه الاحتياجات، فهي قاعدة هرم ماسلو الشهيرة. لكن حين تتحول التربية إلى فسح وخروجات ونوادٍ بلا توجيه نفسي ووجداني، فإننا نمارس رعاية جسدية دون تربية نفسية متكاملة.

يرى المختصون في التربية وعلم النفس أن الثقة بالنفس هي حجر الأساس للنجاح في كل جوانب الحياة، خاصة حين تُغرس في سنوات الطفولة المبكرة.

ما هي الثقة بالنفس عند طفل الحضانة؟

شعور الطفل بأنه محبوب ومقبول، قدرته على المبادرة والاعتماد على النفس في حدود عمره، واستعداده لتجربة أشياء جديدة دون خوف مفرط.

كيف يظهر فقدان الثقة بالنفس في هذا العمر؟ (علامات واضحة)

– التردد في المشاركة في الأنشطة أو الإجابة.

– التعلق المفرط بالمعلمة أو أحد الوالدين.

– الخوف من ارتكاب الأخطاء أو البكاء عند الفشل.

– قول عبارات مثل: “مش عارف”، “أنا مش شاطر”، “همّا أحسن مني”.

– تجنب اللعب الجماعي أو النظر للآخرين.

– التقليد المستمر للآخرين دون مبادرة ذاتية.

الأسباب المحتملة لفقدان الثقة بالنفس عند أطفال الحضانة

1- التربية الصارمة أو الانتقادية: كثرة التوبيخ، المقارنة، أو تجاهل الإنجازات الصغيرة.

2- الحماية الزائدة: عدم السماح للطفل بتجربة الأمور بنفسه، مما يشعره بالعجز.

3- التعرض للتنمر أو الإقصاء من أقرانه خاصة في بيئة الحضانة أو حتى من الإخوة في البيت.

4-غياب التشجيع والتحفيز: عدم الثناء على محاولاته أو إنجازاته.

5-مواقف محرجة أو فشل متكرر دون دعم: مثل السخرية من نطقه، أو فشله في أداء نشاط معين دون مواساة.

كيف نساعد الطفل على استعادة ثقته بنفسه؟

1- تشجيع المحاولة وليس النتيجة: “أنا فخورة إنك حاولت، يلا نجرب تاني!”

2- منح الطفل مساحة للتعبير واتخاذ القرار مثل اختيار ملابسه، أو ترتيب ألعابه، والإختيار هنا في حدود ضيقة مسموح بها.

3-توفير بيئة آمنة للتجربة والخطأ: لا يُعاقب على الأخطاء، بل تُحوّل لفرص للتعلم؛ بعض الأمهات ترفض طعام الأبناء بمفردهم خوفًا على ملابسهم من الاتساخ، أو من التنظيف للأرض، معظم الأطفال في هذه السن يفضلون الاستكشاف فيقومون يفك الألعاب وتلك بالنسبة للأباء جريمة تخريب لا تغتفر.

4- الإنصات له والاهتمام بمشاعره: “حاسس بإيه؟”، “تحب أساعدك إزاي؟”

وتلك نقطة هامة جدًا لإن بعض الأطفال لا يعلمون مشاعرهم ولا كيف يعبرون عنها، ويكبىون وتلك المشاعر مهمشة فيكرهون النقد، ويخافون الاختلاط.

5- استخدام أنشطة تعزز ثقته بنفسه:

-المسرح التمثيلي:( تأليف مسرحية لإيصال معلومة معينة للطفل)

-تبادل الأدوار بينهم لمعرفة طريقة تعاملهم وتفكيرهم، وماذا يريدون.

– الألعاب الجماعية.

-قصص أبطال يمرون بصعوبات ويتغلبون عليها.

ماذا تقول الدراسات النفسية؟

أظهرت دراسات علم النفس التنموي أن الأطفال الذين يشعرون بالأمان العاطفي في السنوات الأولى يكونون أكثر استعدادًا للمشاركة والانخراط الاجتماعي.

دراسات “إريكسون” في مراحل النمو النفسي الاجتماعي تشير إلى أن مرحلة ما قبل المدرسة (3-5 سنوات) هي مرحلة “المبادرة مقابل الشعور بالذنب”، فكل تجربة يقابلها تشجيع تزرع في الطفل مبادرة، وكل إحباط أو توبيخ يغرس شعورًا بالذنب وانعدام الكفاءة.

قصص واقعية قصيرة :

“مريم، 4 سنوات، كانت تتجنب الرسم رغم حبها له، لأنها رأت أحد الكبار يضحك على رسمة لها. بعد أسابيع من التشجيع وكتابة اسمها على لوحاتها، أصبحت تعرض رسوماتها بفخر.”

“آدم، 5 سنوات، كان يرفض اللعب الجماعي لأنه خجول ويخاف من الخطأ. بدأ تدريجيًا المشاركة عندما منحته المعلمة دورًا بسيطًا في لعبة جماعية وسط تصفيق زملائه.”

أدوات عملية للمعلمة أو الأم لتعزيز الثقة بالنفس

1- كروت “أنا أقدر”

تكتب على الكروت عبارات مثل:

“أنا شجاع”

“أنا أتعلم من أخطائي”

“أنا أحب نفسي”

يمكن للطفل اختيار كارت يومي ليعلقه في الفصل أو المنزل.

2- ركن التعبير عن الرأي:

ركن صغير في الصف يُعطى فيه كل طفل دقيقة ليحكي عن شيء يحبه، مما يمنحه إحساسًا بأن صوته مسموع .

3- مرايا الثقة:

وقوف الطفل أمام المرآة وتكرار عبارات إيجابية عن نفسه، خاصة بعد إنجاز صغير.

دور الوالدين في البيت:

-إظهار الفخر بمحاولات الطفل مهما كانت بسيطة.

-التوقف عن المقارنة مع الإخوة أو الأقران.

-السماح له بخوض تجارب منزلية (اللبس، الأكل، ترتيب الألعاب).

-الحديث عن مشاعرهم هم أيضًا أمامه (ليتعلم التعبير والتفريغ).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى