من “بيت العائلة” إلى “بيت الغربة” هل تراجعت قيمة الترابط الأسري في البيوت المصرية؟

نجده محمد رضا
في زمنٍ لم يكن يفرق فيه الجيران بين أولادهم وأولاد البيت المجاور، كانت “لمة العيلة” طقسًا مقدسًا كل يوم جمعة، وكانت كلمة “الأسرة” تعني الأمان، الدعم، والانتماء.
لكن اليوم، ومع تسارع إيقاع الحياة، وانتشار وسائل التواصل، وتزايد الأعباء المادية، تغير شكل العلاقات داخل البيوت المصرية، فهل تراجعت قيمة الترابط الأسري؟
واقع متغير
في جولة داخل عدد من البيوت المصرية، يتبين أن التغير لم يكن شكليًا فقط، بل طال الجوهر أيضًا. تقول السيدة “منى” ربة منزل 52 عامًازمان كنا بنفطر سوا، ونتكلم، ونسأل على بعض.
دلوقتي كل واحد ماسك موبايله، حتى وأنا بكلمهم، مشغولين بعالم تاني.
ولم يختلف رأي “أحمد” (موظف، 35 عامًا) الذي يرى أن ضغوط العمل والسفر أحد أسباب التباعد
“بخرج من البيت 7 الصبح وأرجع 10 بالليل، إمتى هشوف أولادي؟”
التكنولوجيا: وسيلة ربط أم قطيعة؟
رغم أن وسائل التواصل الاجتماعي قربت المسافات بين المدن والبلدان، إلا أنها paradoxically فرّقت بين من يعيشون تحت سقف واحد. الأبناء يلجأون للهاتف أكثر من اللجوء للأب أو الأم، والحوارات داخل البيوت أصبحت مقتضبة.
خبراء علم الاجتماع
التحول طبيعي لكن يحتاج توازن
يقول الدكتور طارق عبد المنعم، أستاذ علم الاجتماع:
ما نشهده ليس فقط تراجعًا، بل إعادة تشكيل لدور الأسرة التكنولوجيا والتعليم والعمل والسفر جعلوا الروابط أقل كثافة، لكن ليس بالضرورة أقل قيمة. المطلوب هو التوازن، والعودة إلى العادات الحميدة مثل الجلسات الجماعية.”
الأثر النفسي
جيل يشعر بالغربة داخل بيته
دراسات حديثة أظهرت أن الأطفال والمراهقين الذين يفتقدون الحوار الأسري المنتظم يعانون من شعور بالوحدة حتى وهم بين ذويهم. تقول أخصائية الصحة النفسية، د. مي أحمد:
كثرة العزلة والانشغال تجعل الطفل يبحث عن الانتماء في الخارج، وقد يقوده ذلك لاختيارات خاطئة.
الحلول
هل يمكن استعادة دفء العائلة؟
1. تخصيص وقت يومي أو أسبوعي للجلوس كأسرة.
2. إغلاق الهواتف أثناء تناول الطعام أو الأوقات الأسرية.
3. تشجيع الأنشطة المشتركة، كالطبخ أو مشاهدة فيلم أو السفر.
4. الاستماع الفعلي، وليس فقط السمع.
الترابط الأسري في البيوت المصرية لم يختفِ، لكنه تأثر بالمتغيرات الحديثة. والمطلوب ليس الحنين فقط لما مضى، بل إعادة بناء الجسور بين أفراد العائلة بوعي يناسب العصر.