ماتوا جوعًا في غزة… والعالم شبعان صمتً

بقلم: السيد عيد
في ركنٍ معتم من خيمة بالية في غزة، نام الطفلُ جوعانًا، يحلم برغيف خبزٍ لم يره من أيام. لم توقظه أمه صباحًا، لم تصرخ عليه ليغسل وجهه، لم تعد له إفطاره. فقط، اكتشفت أنه قد نام… إلى الأبد.
مات الطفل.
ليس برصاصٍ أو شظية، لا بانفجار ولا قصف، بل مات كما يموت النبات حين يُنسى سقايته: جوعًا.
وفي موته، أهان العالم مرتين: مرة لأنه جاع، ومرة لأنه مات، دون أن يهتز للعالم جفن.
كيف يشرح جسدٌ ضامر للكونِ معنى الجوع؟
كيف يُفهم الموت حين يكون سببه ثديٌ جفّ من الحليب، أو وجبةٌ مؤجلة لا تأتي؟
من يشرح للأمم المتحدة أن القهر ليس فقط في القصف، بل في ثلاجةٍ فارغة، وطفلٍ يُربّت على بطنه الخاوية ليهدئها، قبل أن يهدأ إلى الأبد؟
في فلسطين، لا يموت الأطفال وحدهم، بل تموت معهم القلوب التي كانت تنتظرهم يكبرون.
يموت الحلم، والضحكة، وصوت الخطوات الصغيرة في الممرات.
يموت الأمل، وتُدفن الإنسانية تحت ركام صمت العالم.
أيها العالم،
أن تموت وأنت جائع، يعني أنك كنت وحيدًا، منسيًّا، لا أحد يهتم.
يعني أن الصور التي نُشرت لم تكن كافية، وأن البيانات التي صدرت لم تكن صادقة.
يعني أن الجوع في فلسطين لم يكن قَدَرًا، بل جريمة.
كل طفل جائع في غزة، هو شهادة دامغة على عجزنا جميعًا.
وكل طفل مات، سيظل وصمة على جبين الإنسانية…
حتى يُكسر الحصار، ويُكسر معه هذا الصمت الذي أصبح أفظع من الجوع نفسه.