بقلم / السيد عيد
حبيبتي لا تسكن بيتًا من طين ولا قصورًا من ذهب، بل تقيم في ركنٍ هادئٍ من روحي، تأوي إليه حين يضيق العالم، وتبتسم لي من وراء غيوم الأيام، كأنها وعدٌ مؤجل من السماء.
ضحكتها تملأ المكان، أحفظ ملامحها كما تحفظ الوردة ندى الصباح. أعرف كيف ترفع حاجبيها حين تستغرب، وكيف تميل برأسها حين يسرقها الحنين، أعرف صوتها دون أن أسمعه، فهو يشبه النسيم حين يمر على قلبي المشتاق.
هي امرأة من حبرٍ ونبض، كتبتها في قصائد الشوق، ورسمتها على جدران وحدتي، حتى صارت حقيقةً أكبر من الخيال. أبحث عن ظلها، عن لمحة من عينيها، عن دفء نظرتها.
حبيبتي لا تشبه أحدًا. لها عطر لا يصنعه بائعو العطور، بل يقطره الزمن من لحظات الصمت التي أقضيها في انتظارها. هي فكرة الحب حين يكون نقيًّا، قبل أن تلوثه الأسماء والمواعيد، وقبل أن تحاصره الأسئلة والعناوين.
أكتبها لأني ملكت قلبها إن جاءت. فأحيانًا، تكون المسافة بين الحلم والواقع هي ما يحفظ للجمال نقاءه، وللحب معناه.
لو كنت شاعراً في زمنٍ آخر، لغزلت من اسمها قافية لا تنتهي، ولو كنت نجمًا في سمائها، لبقيت أضيء دون أن أطلب منها أن تنظر. لكني مجرد رجلٍ يحب، بصمت العاشقين وخجل المبتدئين.
