
كتبت/ دعاء النمر
“في فجر يوم السبت 25 أكتوبر 2014، اهتز الرأي العام العالمي بعد إعدام الشابة الإيرانية ريحانة جباري. جريمتها أنها دافعت عن نفسها أمام محاولة اغتصاب من أحد المسؤولين الأمنيين في السلطة الإيرانية، لكنها وُجهت إليها تهمة القتل العمد.
ورغم النداءات الدولية المطالبة بوقف الحكم، تم تنفيذ الإعدام. منذ ذلك اليوم تحولت ريحانة إلى رمز عالمي للمرأة التي تُدان مرتين: مرة حين يُنتهك جسدها، ومرة حين تُسلب منها العدالة ويُهدر حقها.”
واليوم يقف العالم أمام قضية مشابهة ولكن على أرض العراق. قضية الدكتورة بان التي عُثر عليها مقتولة في ظروف غامضة. المعلومات الرسمية المرتبكة والمتناقضة تحاول رسم صورة الحادثة باعتبارها “انتحارًا”، بينما دلائل أخرى وإفادات مقربين منها تثير الشكوك حول تعرضها لجريمة قتل متعمدة.
التضارب في الروايات ليس عابرًا، بل هو محاولة متعمدة لطمس الحقيقة وصناعة رواية جاهزة تُسدل الستار على جريمة لم يُكشف بعد عن مرتكبيها. وهذا ما جرى مع ريحانة، حين سعى أصحاب اليد العليا إلى تبديل الحقائق وإعادة الصياغة بما يخدم مصالحهم وكأن النهاية تُكتب بأقلامهم وحدهم”
الربط بين القضيتين لا يقوم على مجرد تشابه في المأساة، بل على وحدة المنهج: التشكيك في الضحية بدلًا من البحث عن الجاني، وإلصاق الاتهامات الباطلة بالمجني عليها لإبعاد الشبهات عن القاتل الحقيقي. فيتحول المجرم إلى (غائب مجهول) بينما تُصور الضحية كأنها المسؤولة عن مصيرها. تُدفن الحقيقة تحت عناوين مضللة وصياغات إعلامية مشوشة، ويعلو صخب الذباب الإلكتروني ليشوّش ويمحو ما تبقى من ملامح العدالة.”
إن قضية الدكتورة بان لم تُغلق بعد وما زال الغموض يلتف حولها، لكن المؤكد أن المجتمع يواجه اختبارًا جديدًا: هل ستُترك قضيتها لتتحول إلى “ملف منسي” كما حدث مع ريحانة جباري، أم سيُفتح الباب لكشف الحقيقة ومحاسبة الفاعلين؟
ويبقى السؤال مفتوحًا أمام ضمير العالم:
كم ريحانة وكم بان يجب أن يرحلوا حتى ندرك أن قتل الحقيقة جريمة لا تقل بشاعة عن قتل الإنسان؟