بقلم: نهاد عادل
يُعد التحرش الجنسي بالأطفال واحدة من أخطر الجرائم التي تهدد الطفولة حول العالم إذ لا يقتصر وقوعها على بيئة أو مجتمع بعينه بل تنتشر في مختلف الأوساط الاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وتُجمع المنظمات الدولية والخبراء النفسيون على أن هذه الجريمة تمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق الأطفال وتخلّف آثارًا نفسية وجسدية عميقة قد ترافق الضحية مدى الحياة.
التحرش الجنسي هو أي فعل جنسي يُفرض على طفل لا يملك القدرة على الرفض أو القبول لصغر سنه وضعف وعيه وإدراكه. وغالبًا ما يأتي الخطر من أشخاص مقرّبين للطفل ويملكون ثقته ما يجعل اكتشاف الجريمة أكثر صعوبة.
ويؤكد خبراء علم النفس أن مرتكبي هذا النوع من الجرائم غالبًا ما يعانون من اضطرابات نفسية أو سلوكية وقد يكونون ذوي ميول عدوانية أو انحرافية أو من متعاطي المخدرات والكحوليات مما يزيد من احتمال اندفاعهم نحو ارتكاب مثل هذه الأفعال دون رادع.
و تشير دراسة لمنظمة يونيسيف إلى أن 83% من الأطفال ضحايا الاعتداء الجنسي حول العالم لا يبلغون عن الجريمة لحظة حدوثها بسبب الخوف من الفضيحة أو تهديدات المعتدي وهو ما أدى إلى ارتفاع حالات التحرش بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة. كما يسهم خوف بعض الأسر من نظرة المجتمع في استمرار دائرة الصمت الأمر الذي يمنح المتحرشين مزيدًا من الفرص لتكرار جرائمهم.
كما تفيد بيانات منظمة الصحة العالمية (WHO) بأن نحو مليار طفل تتراوح أعمارهم بين عامين و17 عامًا تعرضوا لشكل من أشكال العنف الجسدي أو الجنسي أو العاطفي.
أما مركز “تقييم الأطفال” فيشير إلى أن الفئة العمرية الأكثر تعرضًا للتحرش تتراوح بين 7 و13 عامًا مع بلوغ ذروة الاعتداءات في سن التاسعة. ورغم ذلك فإن نسبة كبيرة من الأطفال يتعرضون للاعتداء الجنسي قبل بلوغهم سن الثامنة.
كما تؤكد منظمة يونيسيف أن 120 مليون فتاة تحت سن العشرين أفدت بتعرضهن للإجبار على ممارسة الجنس أو المشاركة في أفعال جنسية مع احتمال أن يكون العدد الحقيقي أكبر بكثير خاصة مع استمرار عدم إفصاح ملايين الأطفال من الإناث والذكور عما تعرضوا له.
و سوف تظل جريمة التحرش بالأطفال من أكثر القضايا حساسية وخطورة في ظل استمرار الصمت المجتمعي والخوف من الوصمة. وتدعو المنظمات الحقوقية والجهات الصحية حول العالم إلى تعزيز برامج التوعية وتوفير بيئة آمنة تشجع الأطفال على التبليغ إضافة إلى تشديد العقوبات على الجناة لضمان حماية الطفولة التي تُعد الركيزة الأولى لبناء أي مجتمع.
